وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَحِقَ الْجَيْشَ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ، وَأَنَّ مَنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَعَهُ بَقِيَّةٌ لَزِمَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَغْنَمِ.
وَمَوْضِعُ التَّبَسُّطِ دَارُهُمْ، وَكَذَا مَا لَمْ يَصِلْ عُمْرَانِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَصَحِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: بِهِ فِي عَلَفِ الدَّوَابِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(وَ) الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ) أَيْ التَّبَسُّطُ الْمَذْكُورُ (لِمَنْ لَحِقَ الْجَيْشَ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْحَرْبِ، وَ) بَعْدَ (الْحِيَازَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمْ كَغَيْرِ الضَّيْفِ مَعَ الضَّيْفِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ لِمَظِنَّةِ الْحَاجَةِ وَعِزَّةِ الطَّعَامِ هُنَاكَ.
تَنْبِيهٌ: عِبَارَةُ الْكِتَابِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ تُفْهِمُ جَوَازَ التَّبَسُّطِ فِيمَا إذَا لَحِقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لِغَيْرِ شَاهِدِ الْوَقْعَةِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. فَرْعٌ: لَوْ ضَيَّفَ بِمَا فَوْقَ حَاجَتِهِ الْغَانِمِينَ جَازَ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَحَمُّلُ التَّعَبِ عَنْهُمْ، فَإِنْ ضَيَّفَ بِهِ غَيْرَهُمْ: فَكَغَاصِبٍ ضَيَّفَ غَيْرَهُ بِمَا غَصَبَهُ فَيَأْثَمُ بِهِ، وَيَلْزَمُ الْآكِلَ ضَمَانُهُ، وَيَكُونُ الْمُضِيفُ لَهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ (وَ) الصَّحِيحُ وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هَذَا الْخِلَافَ أَقْوَالًا (أَنَّ مَنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) أَوْ دَارِ يَسْكُنُهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ الْعَهْدِ، وَهِيَ فِي قَبْضَتِنَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَمَعَهُ بَقِيَّة) مِمَّا تُبْسَطُ بِهِ (لَزِمَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَغْنَمِ) أَيْ الْغَنِيمَةِ لِزَوَالِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مُبَاحٌ، وَالْأَوَّلُ قَالَ: بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ.
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الرَّدِّ إلَى الْمَغْنَمِ مَا لَمْ تُقَسَّمْ الْغَنِيمَةُ، فَإِنْ قُسِّمَتْ رَدَّ إلَى الْإِمَامِ، ثُمَّ إنْ كَثُرَ قُسِّمَ، وَإِلَّا جُعِلَ فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ قَالَ: الْإِمَامُ: وَلَا رَيْبَ أَنَّ إخْرَاجَ الْخُمْسِ مِنْهُ مُمْكِنٌ، وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ.
(وَمَوْضِعُ التَّبَسُّطِ دَارُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْعِزَّةِ (وَكَذَا) مَحِلُّ الرُّجُوعِ (مَا لَمْ يَصِلْ) إلَى (عُمْرَانِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَإِنْ وَصَلَهُ انْتَهَى التَّبَسُّطُ لِزَوَالِهَا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمَظِنَّةَ دَارُ الْحَرْبِ، وَقَدْ خَرَجُوا عَنْهَا.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِعِمْرَانِ الْإِسْلَامِ مَا يَجِدُونَ فِيهِ حَاجَتَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، فَلَوْ لَمْ يَجِدُوا فِيهَا ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي مَنْعِ التَّبَسُّطِ فِي الْأَصَحِّ لِبَقَاءِ الْمَعْنَى، وَكَدَارِ الْإِسْلَامِ بَلَد أَهْلِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ مُعَامَلَتِنَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُضَافَةً إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ فِي قَبْضَتِنَا بِمَثَابَتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ، نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ.
فُرُوعٌ: لَوْ كَانَ الْقِتَالُ فِي دَارِنَا فِي مَوْضِعِ يَعِزُّ الطَّعَامُ وَلَا يَجِدُونَهُ بِشِرَاءٍ جَازَ لَهُمْ التَّبَسُّطُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فِيمَا تُزَوِّدُوهُ مِنْ الْمَغْنَمِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُمْ، فَلَوْ أَقْرَضَ مِنْهُ غَانِمٌ غَانِمًا آخَرَ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ مَا لَمْ يَدْخُلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ رَدَّهُ مِنْ الْمَغْنَمِ صَارَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ،