فَيُقْضَى مِنْ مَالِهِ إنْ غَنِمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ.

وَلَوْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ قَبِلَا جِزْيَةً دَامَ الْحَقُّ.

وَلَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ حَرْبِيٌّ فَأَسْلَمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ.

فَصَلِّ وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَهْرًا غَنِيمَةٌ، وَكَذَا مَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQدَيْنُ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ (فَيُقْضَى مِنْ مَالِهِ) حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ (إنْ غَنِمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ) وَلَوْ حُكِمَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِالرِّقِّ كَمَا أَنَّ دَيْنَ الْمُرْتَدِّ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ وَإِنْ حُكِمَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلِأَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْغَنِيمَةِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَإِنَّ دَيْنَهُ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَعْتِقَ وَيُوسِرَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ إرْقَاقِهِ مَا إذَا غَنِمَ قَبْلَهُ فَلَا يُقْضَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ مَلَكُوهُ، وَكَذَا مَا غَنِمَ مَعَ اسْتِرْقَاقِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَالِ وَحَقَّ صَاحِبِ الدَّيْنِ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ، وَهَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِالرِّقِّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَوْتَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَيَقْطَعُ النِّكَاحَ.

تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْحَرْبِيِّ لِلسَّابِي قَالَ: الشَّيْخَانِ: فَفِي سُقُوطِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَمَلَكَهُ: أَيْ فَيَسْقُطُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ: الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَأَمَّا الْخُمْسُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُسْقِطَ مَا يُقَابِلُهُ قَطْعًا، وَلِهَذَا عَدَلَ ابْنُ الْمُقْرِي عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَقَالَ: فَلَوْ مَلَكَهُ الْغَرِيمُ سَقَطَ. اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُهُ. الثَّانِي: لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِحَرْبِيٍّ عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ فَرَّقَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ لَمْ يَسْقُطْ بَلْ يُوقَفُ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا فَفَيْءٌ.

(وَلَوْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ) مَالًا (أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ) شَيْئًا بِمَالٍ (ثُمَّ أَسْلَمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (أَوْ) لَمْ يُسْلِمَا. بَلْ (قَبِلَا جِزْيَةً) أَوْ حَصَل لَهُمَا أَمَانٌ، أَوْ حَصَلَ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِهِمَا وَغَيْرُهُ لِلْآخَرِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (دَامَ الْحَقُّ) فِي ذَلِكَ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ، وَخَرَجَ بِالْمَالِ نَحْو الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِمَّا لَا يَصِحُّ طَلَبُهُ. تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ قَبِلَ جِزْيَةً دُونَ الْآخَرِ لَا يَدُومُ الْحَقُّ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِي إسْلَامِ صَاحِبِ الدَّيْنِ قَطْعًا وَفِي إسْلَامِ الْمَدْيُونِ فِي الْأَظْهَرِ.

(وَ) الْحَرْبِيُّ (لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ حَرْبِيٌّ) آخَرُ شَيْئًا أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ (فَأَسْلَمَا) أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ أَوْ الْغَاصِبُ أَوْ قَبِلَا الْجِزْيَةَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا، وَالْإِتْلَافُ لَيْسَ عَقْدًا يُسْتَدَامُ وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا قَهَرَ حَرْبِيًّا عَلَى مَالٍ مَلَكَهُ، وَالْإِتْلَافُ نَوْعٌ مِنْ الْقَهْرِ، وَلِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْحَرْبِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى مَالِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ عِنْدَهُمْ.

[فَصَلِّ فِي حُكْمِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي حُكْمِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ، فَقَالَ: (وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَهْرًا) عَلَيْهِمْ حَتَّى سَلَّمُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ وَانْهَزَمُوا (غَنِيمَةٌ) لِمَا مَرَّ فِي كِتَابِ قَسْمِهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: الْمَالُ الَّذِي أَخَذْنَاهُ لِيُخْرِجَ مَا أَخَذَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ، فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ، وَإِنَّمَا أَعَادَ ذَلِكَ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَكَذَا مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015