يَسْتَنْجِدُ بِهَا، وَيَجُوزُ إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الْأَصَحِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ طَائِفَةٍ قَرِيبَةٍ تَلِيه مِنْ الْمُسْلِمِينَ (يَسْتَنْجِدُ بِهَا) لِلْقِتَالِ يَنْضَمُّ إلَيْهَا وَيَرْجِعُ مَعَهَا مُحَارِبًا فَيَجُوزُ انْصِرَافُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} [الأنفال: 16] وَالتَّحَيُّزُ أَصْلُهُ الْحُصُولُ فِي حَيِّزٍ وَهُوَ النَّاحِيَةُ وَالْمَكَانُ الَّذِي يَحُوزُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الذَّهَابُ بِنِيَّةِ الِانْضِمَامِ إلَى طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَرْجِعَ مَعَهُمْ مُحَارِبًا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِيُقَاتِلَ مَعَ الْفِئَةِ الْمُتَحَيِّزِ إلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ عَزْمَهُ الْعَوْدَ لِذَلِكَ رَخَّصَ لَهُ الِانْصِرَافَ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْجِهَادُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ الصَّرِيحِ كَمَا لَا تَجِبُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ، فَفِي الْعَزْمِ أَوْلَى (وَيَجُوزُ) التَّحَيُّزُ (إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ، لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ وَجُنُودُهُ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَلِأَنَّ عَزْمَهُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْقِتَالِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ قُرْبُهَا لِيُتَصَوَّرَ الِاسْتِنْجَادَ بِهِمْ فِي هَذَا الْقِتَالِ.

تَنْبِيهٌ: مَنْ عَجَزَ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ كَغَلَبَةِ عَقْلٍ بِلَا إثْمٍ أَوْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِلَاحٌ جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ بِكُلِّ حَالٍ، وَكَذَا إذَا حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ: بَلْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ ذَهَبَ سِلَاحُهُ وَأَمْكَنَ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْ الصَّفِّ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ صَحَّحَ الِانْصِرَافَ، وَإِنْ ذَهَبَ فَرَسُهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِتَالِ رَاجِلًا جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ فَرَّ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ قَصْدُ التَّحَيُّزِ أَوْ التَّحَرُّفِ لِيَخْرُجَ عَنْ صُورَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015