وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ.
وَيَحْتَرِزُ عَمَّا لَا يَعْتَادُ كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحْلٍ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ بَهِيمَةٍ فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQضَمِنَهُ. قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ الصَّعْبَةَ فِي الْأَسْوَاقِ أَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فِيهَا ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ فَتَكَسَّرَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْهُ، بِخِلَافِ طِفْلٍ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّ لَهُ فِعْلًا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ.
(وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ) بِمُثَلَّثَةٍ (بِطَرِيقٍ) وَلَوْ وَاقِفَةً (فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ وَالْمَنْعُ مِنْ الطَّرِيقِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ كَذَا هُوَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا، وَخَالَفَاهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَجَزَمَا فِيهِ بِالضَّمَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَإِخْرَاجِ الْجُنَاحِ وَالرَّوْشَن إلَى الطَّرِيقِ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالْأَوَّلُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ فَإِنَّهُ نَقَلَ فِي بَابِ وَضْعِ الْحَجَرِ أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ ضَمِنَ مَا تُتْلِفُهُ بِبَوْلِهَا فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ مِنْ جِهَتِهِ، ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ، ثُمَّ إنَّهُ جَرَى عَلَى احْتِمَالِهِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا جَزَمَ بِهِ هُنَا تَبَعًا لِلْإِمَامِ لَا يُنْكَرُ اتِّجَاهُهُ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ نَقَلَهُ اهـ.
وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا تَلِفَ بِرَكْضٍ مُعْتَادٍ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِهِ الْمَذْكُورِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الضَّمَانُ، وَإِطْلَاقُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَاضِيَةٌ بِهِ اهـ.
ثُمَّ مَحَلُّ الضَّمَانِ فِي الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَارُّ، فَلَوْ مَشَى قَصْدًا عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ أَوْ الْبَوْلِ فَتَلِفَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا هُنَاكَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِطَرِيقٍ عَمَّا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ.
(وَيَحْتَرِزُ) رَاكِبُ الدَّابَّةِ (عَمَّا لَا يُعْتَادُ) فِعْلُهُ لَهُ (كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحَلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) لِتَعَدِّيهِ، وَفِي مَعْنَى الرَّكْضِ فِي الْوَحَلِ الرَّكْضُ فِي مُجْتَمَعِ النَّاسِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَسِيطِ، وَاحْتَرَزَ بِالرَّكْضِ الشَّدِيدِ عَنْ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ فِيهِ، فَلَا يَضْمَنُ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَلَوْ رَكَضَهَا كَالْعَادَةِ رَكْضًا وَمَحِلًّا وَطَارَتْ حَصَاةٌ لِعَيْنِ إنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هَذَا التَّفْصِيلُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ.
أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فَيَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ الْبُلْقِينِيُّ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: عَمَّا لَا يُعْتَادُ يَقْتَضِي أَنَّ سَوْقَ الْأَغْنَامِ لَا يَضْمَنُ بِتَلَفِهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ فِي الْغَنَمِ دُونَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إطْلَاقُ الْحُكْمِ فِي الْبَهَائِمِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ حَيَوَانٍ وَحَيَوَانٍ.
(وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ) عَلَى (بَهِيمَةٍ) لَيْلًا أَوَنَهَارًا (فَحَكَّ بِنَاءً) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) لِوُجُودِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ دَابَّتِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ.