وَمُعَلَّمٌ فَمَضْمُونٌ.
وَلَوْ حَدَّ مُقَدَّرًا فَلَا ضَمَانَ.
وَلَوْ ضُرِبَ شَارِبٌ بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا عَلَى الْمَشْهُورِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (فَمَضْمُونٌ) تَعْزِيرُهُمْ، فَإِذَا حَصَلَ بِهِ هَلَاكٌ، فَإِنْ كَانَ بِضَرْبٍ يُقْتَلُ غَالِبًا، فَالْقِصَاصُ عَلَى غَيْرِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، إذْ الْمَقْصُودُ التَّأْدِيبُ لَا الْهَلَاكُ، فَإِذَا حَصَلَ بِهِ هَلَاكٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أَوْ الرَّائِضِ لِتَعَلُّمِ الرِّيَاضَةِ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ فَهَلَكَتْ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ ضَرْبِهَا، وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ ضَرْبِ الْآدَمِيِّ بِالْقَوْلِ وَالزَّجْرِ فَضَمِنَهُ.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي تَعْبِيرِهِ مَا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْهَلَاكِ كَتَوْبِيخِ غَيْرِ الْحَامِلِ وَالْحَبْسِ وَالنَّفْيِ وَالصَّفْعَةِ الْخَفِيفَةِ لِذِكْرِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْزِيرَ يَكُونُ بِالْحَبْسِ وَالصَّفْعِ وَالتَّوْبِيخِ، ثُمَّ أَطْلَقَ التَّعْزِيرَ هُنَا مَعَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ قَطْعًا، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ يُخْرِجُ السَّيِّدَ فِي تَعْزِيرِ عَبْدِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، إذْ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِغَيْرِهِ فِي ضَرْبِ مَمْلُوكِهِ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ. وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الضَّمَانِ مَا إذَا اعْتَرَفَ بِمَا يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ وَطَلَبَ بِنَفْسِهِ مِنْ الْوَالِي تَعْزِيرَهُ فَعَزَّرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَ التَّعْزِيرِ وَقَدْرَهُ، وَالزَّرْكَشِيُّ: الْحَاكِمُ إذَا عَزَّرَ الْمُمْتَنِعَ مِنْ الْحَقِّ الْمُتَعَيَّنِ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ، وَتَسْمِيَةُ ضَرْبِ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَالْمُعَلِّمِ تَعْزِيرًا هُوَ أَشْهُرُ الِاصْطِلَاحَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَخُصُّ لَفْظَ التَّعْزِيرِ بِالْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَضَرْبَ الْبَاقِي بِتَسْمِيَتِهِ تَأْدِيبًا لَا تَعْزِيرًا.
(وَلَوْ حَدَّ) الْإِمَامُ حَيْثُ كَانَ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ (مُقَدَّرًا) بِنَصٍّ فِيهِ كَحَدِّ قَذْفٍ فَمَاتَ الْمَحْدُودُ (فَلَا ضَمَانَ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّ الْحَقَّ قَتَلَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْجَلْدُ وَالْقَطْعُ وَسَوَاءٌ جَلَدَهُ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ أَمْ لَا كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ حَدِّ الزِّنَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ أَمْ لَا. فَإِنْ قِيلَ: لَا مَعْنَى لِوَصْفِ الْحَدِّ بِالتَّقْدِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُقَدَّرًا.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ إذَا بَلَغَ بِهِ ثَمَانِينَ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَلَوْ ضُرِبَ شَارِبٌ بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) الْمَنْصُوصِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ. وَالثَّانِي يُضْمَنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضْرَبَ هَكَذَا بِأَنْ يَتَعَيَّنَ السَّوْطُ (وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا) ضَرَبَهَا الشَّارِبُ الْحُرُّ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنْ يُضْرَبَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَلِأَنَّهُ جَلْدٌ يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ كَحَدِّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ. وَالثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ بِالْأَرْبَعِينَ كَانَ بِاجْتِهَادٍ، وَكَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ» فَهُوَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا مَنَعْنَا السِّيَاطَ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحِّ فَلَا ضَمَانَ