وَمَنْ نُظِرَ إلَى حُرَمِهِ فِي دَارِهِ مِنْ كَوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ عَمْدًا فَرَمَاهُ بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ فَأَعْمَاهُ، أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقْءِ عَيْنِهِ، أَوْ عَصْرِ خُصْيَيْهِ جَازَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْأَخَفِّ مَعَ إمْكَانِهِ ضَمِنَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِطْلَاقُ كَثِيرِينَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّ يَدَهُ ابْتِدَاءً فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ كَانَتْ مُهْدَرَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ اهـ.

وَلَا يَجِبُ قَبْلَ ذَلِكَ الْإِنْذَارُ بِالْقَوْلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الصَّائِلِ.

فَائِدَةٌ: الْعَضُّ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ إذَا كَانَ بِجَارِحَةٍ، وَبِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ إذَا كَانَ بِغَيْرِهَا: نَحْوُ عَظَّتْ الْحَرْبُ وَعَظَّ الزَّمَانُ. قَالَتْ عُتْبَةُ أُمُّ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ:

لَعَمْرِي لَقِدْمًا عَظَّنِي الدَّهْرُ عِظَةً ... فَيَا لَيْتَ أَنْ لَا أَمْنَعَ الدَّهْرَ جَائِعًا

وَقُولَا لِعَذَا اللَّائِمِ الْيَوْمَ أَعْفِنِي ... فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَعَضَّ الْأَصَابُعَا.

(وَمَنْ نُظِرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (إلَى حُرَمِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ الْمُهْمَلَيْنِ وَبِهَاءِ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِمَنْ، وَالْمُرَادُ بِهِنَّ: الزَّوْجَاتُ وَالْإِمَاءُ وَالْمَحَارِمُ (فِي دَارِهِ) الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ كَوَّةٍ) أَيْ: طَاقَةٍ، وَمَرَّ فِي الصُّلْحِ أَنَّهَا بِفَتْحِ الْكَافِ، وَحُكِيَ ضَمُّهَا (أَوْ ثَقْبٍ) بِفَتْحٍ الْمُثَلَّثَةِ أَوَّلِهِ: أَيْ: خَرْقٌ فِي الدَّارِ، وَقَوْلُهُ (عَمْدًا) قَيْدٌ فِي النَّظَرِ (فَرَمَاهُ) أَيْ: رَمَى صَاحِبُ الدَّارِ مَنْ نَظَرَ إلَى حُرَمِهِ حَالَ نَظَرِهِ (بِخَفِيفٍ) تُقْصَدُ الْعَيْنُ بِمِثْلِهِ (كَحَصَاةٍ فَأَعْمَاهُ، أَوْ) لَمْ يُعْمِهِ، بَلْ (أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ) فَسَرَى الْجَرْحُ (فَمَاتَ فَهَدَرٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِكَ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ: فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ النَّظَرِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَمُهُ مَسْتُورَةً أَوْ فِي مُنْعَطَفٍ أَمْ لَا، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ سَتْرَهَا عَنْ الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً.

تَنْبِيهٌ: شَمَلَ قَوْلُهُ: وَمَنْ نُظِرَ: الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ عِنْدَ نَظَرِهَا مَا لَا يَجُوزُ، وَالْخُنْثَى وَالْمُرَاهِقَ وَهُوَ كَذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَاهِقُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحُدُودُ فَكَيْفَ يَجُوزُ رَمْيُهُ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الرَّمْيَ لَيْسَ لِلتَّكْلِيفِ بَلْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ، فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَحْصُلُ بِهِ الْمَفْسَدَةُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: نُظِرَ الْأَعْمَى، وَمَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ، فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُمَا، إذْ لَيْسَ السَّمْعُ كَالْبَصَرِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، وَبِقَوْلِهِ: حُرَمِهِ مَا إذَا كَانَ فِيهَا الْمَالِكُ وَحْدَهُ، فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَهُوَ إنْ كَانَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَلَهُ الرَّمْيُ، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ الرَّمْيَ مُطْلَقًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَارِّ، وَمَا إذَا كَانَ فِيهَا خُنْثَى مُشْكِلٌ مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرْمِيهِ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي تَخْرِيجهُ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ، وَهَذَا أَوْجَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فِي دَارِهِ رَاجِعٌ لِمَنْ لَهُ الْحُرَمُ. أَمَّا النَّاظِرُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015