إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَحَرْبِيًّا وَذِمِّيًّا وَمُوجَرًا وَكَذَا مُكْرَهٌ عَلَى شُرْبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَمَنْ جَهِلَ كَوْنَهَا خَمْرًا: لَمْ يُحَدَّ، وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَقَالَ: جَهِلْتُ تَحْرِيمَهَا لَمْ يُحَدَّ، أَوْ جَهِلْتُ الْحَدَّ حُدَّ.
وَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ خَمْرٍ لَا بِخُبْزٍ عُجِنَ دَقِيقُهُ بِهَا، وَمَعْجُونٍ هِيَ فِيهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُذَابُ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا، وَبِالْمُسْكِرِ غَيْرُهُ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْكِرِ الْمُنَصَّفُ، وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ تَمْرٍ وَرُطَبٍ، وَالْخَلِيطُ وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْكِرٍ وَيَكُونُ مُسْكِرًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ شَارِبِهِ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ مُخْتَارًا عَالِمًا بِأَنَّ مَا شَرِبَهُ مُسْكِرٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمُحْتَرَزُ هَذِهِ الْقُيُودِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَحَرْبِيًّا) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَذِمِّيًّا) لِأَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ بِالذِّمَّةِ مَا لَا يَعْتَقِدُ إلَّا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادِ (وَمُوجَرًا) أَيْ: مَصْبُوبًا فِي حَلْقِهِ قَهْرًا (وَكَذَا مُكْرَهٌ عَلَى شُرْبِهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِحَدِيثِ «وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَيُقَابِلُ الْمَذْهَبُ طَرِيقَةً حَاكِيَةً لِوَجْهَيْنِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: إلَّا صَبِيًّا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ التَّحْرِيمِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ، لَكِنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْحَدِّ وَعَدَمِهِ، نَعَمْ تَعَرَّضُوا لِلْحِلِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِكْرَاهِ وَالصَّحِيحُ الْحِلُّ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِرَاحِ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ، وَقِيلَ يَجِبُ، وَقِيلَ يُسَنُّ. وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
(وَمَنْ جَهِلَ كَوْنَهَا) أَيْ الْخَمْرِ (خَمْرًا) فَشَرِبَهَا ظَانًّا كَوْنَهَا شَرَابًا لَا يُسْكِرُ (لَمْ يُحَدَّ) لِلْعُذْرِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ مُدَّةِ السُّكْرِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَ الْإِصْحَاءِ كُنْتُ مُكْرَهًا، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الَّذِي شَرِبْتُهُ مُسْكِرًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. قَالَهُ فِي الْبَحْرِ: فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَقَالَ جَهِلْتُ تَحْرِيمَهَا لَمْ يُحَدَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ نَشَأَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ. أَمَّا مَنْ نَشَأَ فِيهَا فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (أَوْ) قَالَ: عَلِمْتُ تَحْرِيمَهَا وَلَكِنْ (جَهِلْتُ الْحَدَّ) بِشُرْبِهَا (حُدَّ) لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ أَنْ يَمْتَنِعَ.
(وَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ خَمْرٍ) وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ وَتَشْدِيدِ آخِرِهِ: مَا فِي أَسْفَلِ وِعَاءِ الْخَمْرِ مِنْ عَكَرٍ لِأَنَّهُ مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ دُرْدِيَّ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، وَيُحَدُّ بِالثَّخِينِ مِنْهَا إذَا أَكَلَهُ، وَ (لَا) يُحَدُّ بِشُرْبِهَا فِيمَا اُسْتُهْلِكَتْ فِيهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّضَاعِ وَلَا (بِخُبْزٍ عُجِنَ دَقِيقُهُ بِهَا) عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَمْرِ أَكَلَتْهَا النَّارُ وَبَقِيَ الْخُبْزُ نَجِسًا (وَ) لَا (مَعْجُونٍ هِيَ فِيهِ) لِاسْتِهْلَاكِهَا وَلَا بِأَكْلِ لَحْمٍ طُبِخَ بِهَا بِخِلَافِ مَرَقِهِ إذَا شَرِبَهُ أَوْ غَمَسَ فِيهِ أَوْ ثَرَدَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِبَقَاءِ