وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدٌ زَاوِيَةً لِزِنَاهُ، وَالْبَاقُونَ غَيْرَهَا لَمْ يَثْبُتْ.

وَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ.

وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْإِمَامِ، وَشُهُودِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ حَدِّ قَاذِفِهَا قَيَّدَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا زَنَتْ السَّاعَةَ وَشَهِدْنَ بِأَنَّهَا عَذْرَاءُ وَجَبَ الْحَدُّ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَأَرْبَعٌ بِأَنَّهَا رَتْقَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا، وَلَا عَلَيْهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُمْ رَمَوْا مَنْ لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهُ.

(وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدٌ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (زَاوِيَةً) مِنْ زَوَايَا الْبَيْتِ (لِزِنَاهُ، وَ) عَيَّنَ (الْبَاقُونَ) مِنْهُمْ زَاوِيَةً (غَيْرَهَا لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ: الْحَدُّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى زَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: زَنَى بِالْغَدَاةِ، وَبَعْضُهُمْ: بِالْعَشِيِّ.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ الْقَاذِفِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ سُقُوطِهِ، وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الشُّهُودِ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ لَمْ يُتِمَّ فِي زَنْيَةٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْحَدِّ عَلَى الشُّهُودِ إذَا تَقَارَبَتْ الزَّوَايَا لِإِمْكَانِ الزَّحْفِ مَعَ دَوَامِ الْإِيلَاجِ (وَ) بَعْدَ ثُبُوتِ حَدِّ الزِّنَا (يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ) الْأَعْظَمُ (أَوْ نَائِبُهُ) فِيهِ (مِنْ) زَانٍ (حُرٍّ) لِلِاتِّبَاعِ (وَ) مِنْ (مُبَعَّضٍ) لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْحُرِّ مِنْهُ، وَالْحَدُّ مُتَعَلِّقٌ بِجُمْلَتِهِ.

تَنْبِيهٌ: فِي مَعْنَى الْمُبَعَّضِ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ الْمُلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ، وَعَبْدُ مَحْجُورِهِ، وَمُسْتَوْلَدَةُ الْكَافِرِ، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ إذَا زَنَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ: كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْسَابَهُ لَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَمُعْتَبَرُ الْحُرِّيَّةِ حَالَ الْوُجُوبِ، وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ حُرٌّ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَاسْتُرِقَّ أَقَامَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الْحَدَّ دُونَ سَيِّدِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ غَيْرُهُ، فَلَوْ اسْتَوْفَى الْجَلْدَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ لَمْ يَقَعْ حَدًّا وَلَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَخْتَلِفُ وَقْتًا وَمَحَلًّا فَلَا يَقَعُ حَدٌّ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِنَّمَا لَمْ يُفَوِّضْ لِأَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَسْتَوْفُونَهُ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَا بُدَّ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ مِنْ النِّيَّةِ حَتَّى لَوْ ضُرِبَ لِمُصَادَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَعَلَيْهِ حُدُودٌ لَمْ يُحْسَبْ مِنْهَا. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ حَتَّى لَوْ حُدَّ بِنِيَّةِ الشُّرْبِ فَظَهَرَ أَنَّهُ حَدَّهُ لِلزِّنَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْطَأَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الْيُسْرَى فِي السَّرِقَةِ أَجْزَأَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ جَلَدَ رَجُلًا مِائَةً ظُلْمًا فَبَانَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا سَقَطَ عَنْهُ، كَمَا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا فَبَانَ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ اهـ.

وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي صُوَرِ جَلْدِهِ ظُلْمًا، وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا فَالْإِجْزَاءُ فِيهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْحَدَّ، فَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ أَنَّهُ عَنْ الشُّرْبِ.

فَرْعٌ: لَوْ زَنَى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ مَنْ وَلِيَ الْحُكْمَ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ (وَيُسْتَحَبُّ) عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ سَوَاءٌ أُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ (حُضُورُ الْإِمَامِ، وَ) حُضُورُ (شُهُودِهِ) أَيْ: الزِّنَا إنْ ثَبَتَ بِهِمْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ بِوُجُوبِ حُضُورِهِمْ. لَنَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ وَمَاعِزًا وَلَمْ يَحْضُرْهُمَا، وَقَالَ لِأُنَيْسٍ: «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» ، وَلَمْ يَقُلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015