[كتاب الزنا]

كِتَابُ الزِّنَا إيلَاجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لَعَيْنِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى يُوجِبُ الْحَدَّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الزِّنَا]

هُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ، وَبِالْمَدِّ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْمِلَلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ مِنْ أَفْحَشِ الْكَبَائِرِ، وَلَمْ يَحِلَّ فِي مِلَّةٍ قَطُّ، وَلِهَذَا كَانَ حَدُّهُ أَشَدَّ الْحُدُودِ، لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْأَعْرَاضِ وَالْأَنْسَابِ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا - وَهَذِهِ نُسِخَ لَفْظُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا، وَقَدْ رَجَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةُ وَلَهُ حُكْمَانِ يَخْتَصَّانِ بِهِ: اشْتِرَاطُ أَرْبَعَةٍ فِي الشَّهَادَةِ، وَإِيجَابُ مِائَةِ جَلْدَةٍ، وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ (إيلَاجُ) حَشَفَةٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ (الذَّكَرِ) الْمُتَّصِلِ الْأَصْلِيِّ مِنْ الْآدَمِيِّ الْوَاضِحِ، وَلَوْ أَشَلَّ وَغَيْرَ مُنْتَشِرٍ وَكَانَ مَلْفُوفًا فِي خِرْقَةٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ خِلَافًا لِلدَّيْلَمِيِّ (بِفَرْجٍ) أَيْ: قُبُلِ أُنْثَى وَلَوْ غَوْرَاءَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَارِقًا بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي بَابِ التَّحْلِيلِ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِيلَاجِ فِيهَا بِبِنَاءِ التَّحْلِيلِ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ (مُحَرَّمٍ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (لَعَيْنِهِ) أَيْ: الْإِيلَاجُ (خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ) الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ (مُشْتَهًى) طَبْعًا بِأَنْ كَانَ فَرْجُ آدَمِيٍّ حَيٍّ، وَقَوْلُهُ (يُوجِبُ الْحَدَّ) هُوَ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ إيلَاجٌ، وَالْحَدُّ هُوَ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ عَلَى غَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَالرَّجْمُ عَلَى الْمُحْصَنِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَخَرَجَ بِمُتَّصِلٍ مَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَبِالْأَصْلِيِّ الزَّائِدِ، وَبِالْآدَمِيِّ وَالْوَاضِحُ مَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ أَوْ مُشْكِلٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَبِنَفْسِ الْأَمْرِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَلَا حَدَّ، وَمَا بَقِيَ مِنْ مُحْتَرَزَاتِ قُيُودِ الْحَدِّ يَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي الْحَدِّ مِنْ الْإِجْحَافِ، قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَفِيهِ زِيَادَةٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ: خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ لِخُرُوجِ الشُّبْهَةِ بِقَيْدِ التَّحْرِيمِ، فَإِنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.

لَكِنَّ الشُّبْهَةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: شُبْهَةُ فَاعِلٍ كَأَنْ يَكُونَ جَاهِلًا، وَشُبْهَةُ مَحَلٍّ كَظَنٍّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَشُبْهَةُ جِهَةٍ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَاَلَّذِي لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ، فَفِي تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ تَوَقُّفٌ، وَإِلَّا رُجِّحَ التَّرْتِيبُ إنْ أَمْكَنَ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْحَشَفَةِ حَيْثُ كَانَتْ مَوْجُودَةً أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015