إلَّا فِي عَبْدٍ فِي الْأَظْهَرِ
وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ خَمْسِينَ يَمِينًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَاقِصٌ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا قَسَامَةَ فِي الْجِرَاحَاتِ وَقَطْعِ الْأَطْرَافِ وَالْأَمْوَالِ، فَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ الْجِرَاحَاتِ، وَلَوْ قَالَ: وَلَا يُقْسَمُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ لِشَمْلِهَا وَكَانَ أَخْصَرَ، وَعَدَمُ الْقَسَامَةِ فِي الْمَالِ مَجْزُومٌ بِهِ، وَفِي الْأَطْرَافِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ أَيْضًا، وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْقَسَامَةِ فِي الْمَالِ الرَّقِيقَ فَقَالَ (إلَّا فِي) قَتْلِ (عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ مَعَ لَوْثٍ فَيُقْسِمُ السَّيِّدُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مِنْ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَدَلَ الرَّقِيقِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهِ لِحُرْمَةِ النَّفْسِ كَالْقِصَاصِ، وَالثَّانِي لَا قَسَامَةَ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَدَلَهُ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْبَهَائِمِ.
تَنْبِيهٌ: جَرَيَانُ الْخِلَافِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي صِفَةِ الْقَسَامَةِ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ (أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي) الْوَارِثُ ابْتِدَاءً (عَلَى قَتْلٍ) النَّفْسَ وَلَوْ نَاقِصَةً كَامْرَأَةٍ وَذِمِّيٍّ (ادَّعَاهُ) مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ (خَمْسِينَ يَمِينًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ «انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَبِّرْ كَبِّرْ وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا وَأَنْكَرَ الْيَهُودُ الْقَتْلَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ وَفِي رِوَايَةٍ: تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ بِقَوْلِ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَقِيلَ: إنَّ الْخَمْسِينَ تُقَسَّطُ عَلَى الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، فَيَحْلِفُ فِي الْمَرْأَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَفِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ، وَصُورَةُ التَّعَدُّدِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَالِفُ بِالْقَسَمِ خَمْسِينَ مَرَّةً يَأْتِي بَعْدَ كُلِّ مَرَّةٍ مِنْهَا بِمَا تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُهُ، لَا أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ تَمَامِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ تَكْرِيرٌ لِلْقَسَمِ لَا لِلْيَمِينِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَبِمِثْلِهِ صَرَّحُوا فِي اللِّعَانِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فِي الْيَمِينِ وَقَتَلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ زَيْدٍ أَوْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ، أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ فِي دَعْوَاهُ، وَالْحَلِفُ يَتَوَجَّهُ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا، فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ لَقَدْ قَتَلَ هَذَا، وَيُشِيرُ إلَيْهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا، أَوْ يُعَرِّفُهُ بِمَا يَمْتَازُ بِهِ مِنْ قَبِيلَةٍ أَوْ حِرْفَةٍ أَوْ لَقَبٍ.