وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ
وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: إنَّمَا تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ لَوْثًا فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ، فَإِنْ كَانَ فِي خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا بَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَا يُوجِبُ قِصَاصًا كَقَتْلِ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ قَتْلِ الْخَطَإِ فِي أَصْلِ الْمَالِ لَا فِي صِفَتِهِ.
(وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ) أَيْ شَهَادَتُهُمْ لَوْثٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ.
تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُهُ بِالْجَمْعِ يُخْرِجُ الِاثْنَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَإِنَّ الَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّ شَهَادَةَ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الْجَمْعِ، بَلْ فِي الْوَجِيزِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْثٌ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْحَاوِي الصَّغِيرُ، وَنَقَلَهُ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَسَوَاءٌ فِي شَهَادَةِ مَنْ ذُكِرَ جَاءُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ) لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ التَّوَاطُؤِ كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي شَهَادَتِهِمْ إذَا جَاءُوا دَفْعَةً. وَجْهَيْنِ، أَشْهَرُهُمَا الْمَنْعُ، وَأَقْوَاهُمَا أَنَّهُ لَوْثٌ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْأَصَحِّ بَدَلَ الْأَقْوَى، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَرَطْنَا التَّعَدُّدَ فَإِنْ لَمْ نَشْرِطْهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُكْتَفَى بِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ وَمُجْتَمِعِينَ، هَذَا فِيمَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَمْعٍ كَمَا قَالَ.
(وَقَوْلُ) أَيْ إخْبَارُ (فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ اتِّفَاقَ الْجَمْعِ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ كَيْفَ كَانَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ حَقِيقَةٍ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ، إذْ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَالثَّالِثُ خَصَّ الْمَنْعَ بِالْكُفَّارِ.
تَنْبِيهٌ: لَا فَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرُوا مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيُشْتَرَطُ فِي إخْبَارِهِمْ الْبَيَانُ كَمَا مَرَّ.
وَمِنْ اللَّوْثِ لَهَجُ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ، أَوْ رُئِيَ فِي مَوْضِعِهِ رَجُلٌ يُحَرِّكُ مِنْ بَعْدِهِ يَدَهُ كَضَارِبٍ بِسَيْفٍ، أَوْ وُجِدَ عِنْدَهُ رَجُلٌ سِلَاحُهُ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ، أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَثَرُهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ تُعَارِضُهُ كَأَنْ وُجِدَ بِقُرْبِهِ سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ أَوْ غَيْرَ مُوَلٍّ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، فَلَا يَكُونُ لَوْثًا فِي حَقِّهِ، وَمِنْهُ إخْبَارُ عَدْلٍ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ أَحَدَهُمَا وَيَدَّعِيَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَحَدَ هَذَيْنِ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ صُدِّقَ وَلِيُّ أَحَدِهِمَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلِيُّهُمَا وَاحِدًا كَانَ لَوْثًا: وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُقَوِّي مَا قَالَهُ مَا لَوْ كَانَتْ دِيَتُهَا مُتَسَاوِيَةً. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ عَجَزَ الشُّهُودُ عَنْ تَعْيِينِ الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا وَقَدْرِهَا، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، وَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ زَيْدٍ وَلَمْ يُعَيِّنَا، وَكَانَ زَيْدٌ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ فَإِنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لَا الْقِصَاصُ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ وَاحِدَةٍ نَزَلَ عَلَى الْمَقْطُوعَةِ كَمَا صَوَّبَ الْمُصَنِّفُ الْجَزْمَ بِهِ.
وَقَوْلُ الْمَجْرُوحِ: جَرَحَنِي فُلَانٌ، أَوْ قَتَلَنِي، أَوْ دَمِي عِنْدَهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَوْثٍ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ