وَالْأَصَحُّ قَبُولُ كَبِيرٍ لَمْ يَعْجَزْ بِهَرَمٍ، وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا نِصْفَ عُشْرِ دِيَةٍ.
فَإِنْ فُقِدَتْ فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فَلِلْفَقْدِ قِيمَتُهَا
وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ
وَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَخُنْثَى وَكَافِرٍ، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ عَلَى كَافِرٍ بِبَلَدٍ تَقِلُّ فِيهِ الرَّغْبَةُ أَوْ عَلَى مُرْتَدٍّ أَوْ كَافِرَةٍ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا لِتَمَجُّسٍ وَنَحْوِهِ، وَمَا هُنَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَفْهَمَ امْتِنَاعُ الْحَامِلِ لِجَزْمِهِمْ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْجَوَارِي، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ، فَقَالَ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ حَامِلٍ وَلَا مَوْطُوءَةٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُ حَمْلِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الْمَوْطُوءَةِ الَّتِي لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُ حَمْلِهَا مَمْنُوعٌ، فَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ بِقَبُولِهَا هُنَا بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ الدَّوَابِّ الْحَمْلُ بِخِلَافِ بَنَاتِ آدَمَ (وَالْأَصَحُّ قَبُولُ) رَقِيقٍ (كَبِيرٍ) مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (لَمْ يَعْجَزْ بِهَرَمٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْخِيَارِ مَا لَمْ تَنْقُصْ مَنَافِعُهُ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّ ثَمَنَهُ يَنْقُصُ حِينَئِذٍ، وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَهَا فِي الْأَمَةِ وَبَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ، وَضَعُفَ الْوَجْهَانِ بِأَنَّ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يُقَابِلُهُ زِيَادَةُ الْمَنْفَعَةِ. أَمَّا الْعَاجِزُ بِالْهَرَمِ فَلَا يُقْبَلُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ وَضَبْطُهُ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ بِأَنْ يَبْلُغَ إلَى حَدٍّ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الطِّفْلِ الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْغُرَّةِ (بُلُوغُهَا) فِي الْقِيمَةِ (نِصْفَ عُشْرِ دِيَةٍ) مِنْ الْأَبِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ، فَفِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ رَقِيقٌ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ فِيهِ أَحَدٌ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّهَا دِيَةٌ فَكَانَتْ مُقَدَّرَةً كَسَائِرِ الدِّيَاتِ، وَلِأَنَّ الْجَنِينَ عَلَى أَقَلِّ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَقَلُّ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ مِنْ الدِّيَاتِ وَهُوَ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ وَالسِّنِّ.
(فَإِنْ فُقِدَتْ) تِلْكَ الْغُرَّةُ حِسًّا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وُجِدَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا (فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) بَدَلًا عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِهَا عِنْدَ وُجُودِهَا فَعِنْدَ عَدَمِهَا يُؤْخَذُ مَا كَانَتْ مُقَدَّرَةً بِهِ، وَلِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الدِّيَاتِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا عِنْدَ فَقْدِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَإِنْ فُقِدَتْ الْإِبِلُ وَجَبَ قِيمَتُهَا كَمَا فِي فَقْدِ إبِلِ الدِّيَةِ، فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهَا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ مَعَ الْمَوْجُودِ (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) بُلُوغُهَا مَا ذُكِرَ: بَلْ مَتَى وُجِدَتْ سَلِيمَةً مُمَيِّزَةً وَجَبَ قَبُولُهَا وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهَا لِإِطْلَاقِ لَفْظِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فِي الْخَبَرِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْقَوْلِ (فَلِلْفَقْدِ قِيمَتُهَا) أَيْ الْغُرَّةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَمَاتَ.
تَنْبِيهٌ: الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْغُرَّةِ لَا يَصِحُّ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الدِّيَةِ.
(وَهِيَ) أَيْ الْغُرَّةُ (لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ) عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ، وَيُقَدَّرُ انْفِصَالُهُ حَيًّا ثُمَّ مَوْتِهِ.
(وَ) هِيَ أَيْ وَاجِبَةٌ (عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَارِّ (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ) الْجِنَايَةَ بِأَنْ قَصَدَهَا بِمَا يُلْقِي غَالِبًا (فَعَلَيْهِ) وَهَذَا قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصَوُّرِ الْعَمْدِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أُمِّهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَمْ شِبْهَ