عَلَى الْجَانِي عَلَى الصَّحِيحِ.
وَيُقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي الْحَرَمِ
وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لَا فِي جَلْدِ مَحْدُودٍ (عَلَى الْجَانِي) الْمُوسِرِ (عَلَى الصَّحِيحِ) الْمَنْصُوصِ إنْ لَمْ يُنَصِّبْ الْإِمَامُ جَلَّادًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ كَأُجْرَةِ كَيَّالِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَوَزْنِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ نَصَّبَهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ أَيْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا أَوْ سَخَّرَ مَنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَالثَّانِي هِيَ فِي الْحَدِّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْقِصَاصِ عَلَى الْمُقْتَصِّ، وَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْجَانِي: أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي وَلَا أُؤَدِّي الْأُجْرَةَ لَا يُجَابُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِفَقْدِ التَّشَفِّي، فَإِنْ أُجِيبَ وَفَعَلَ أَجْزَأَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِحُصُولِ الزُّهُوقِ وَإِزَالَةِ الطَّرَفِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُؤْلِمُ نَفْسَهُ وَيُوهِمُ الْإِيلَامَ، فَلَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ، وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلسَّارِقِ فِي قَطْعِ يَدِهِ جَازَ وَإِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ قَطْعِ يَدِ نَفْسِهِ فَقَدْ نُسِبَ لِلسَّهْوِ، وَيُجْزِئُ عَنْ الْحَدِّ وَإِنْ خَالَفَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّنْكِيلُ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّانِي وَالْقَاذِفِ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِئُ لِمَا مَرَّ.
(وَيَقْتَصُّ) الْمُسْتَحِقُّ (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ جَزْمًا وَفِي الطَّرَفِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ مُوجِبٌ الْإِتْلَافَ فَيُتَعَجَّلُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ.
(وَ) يَقْتَصُّ (فِي الْحَرَمِ) لِأَنَّهُ قَتْلٌ لَوْ وَقَعَ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ كَقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَسَوَاءٌ الْتَجَأَ إلَيْهِ أَمْ لَا «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ قِيلَ لَهُ إنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ: اُقْتُلُوهُ» ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا بِدَمٍ» لِأَنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يُؤَخَّرُ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى الْفَوْرِ مَا لَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْ مِلْكِ إنْسَانٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُ وَيُقْتَلُ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ؛ وَلِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ اسْتِعْمَالُ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ يَسِيرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ خِيفَ التَّلْوِيثُ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا لَوْ الْتَجَأَ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُ إلَّا بِإِرَاقَةِ الدَّمِ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ.
(وَ) يُقْتَصُّ فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ) وَإِنْ كَانَ مُخْطَرًا، وَكَذَا لَا يُؤَخَّرُ الْجَلْدُ فِي الْقَذْفِ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ قِصَاصًا لِطَرَفٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ قَطْعِ الْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ وَالْجَلْدِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ الْأَطْرَافَ مُتَوَالِيَةً