وَفِي الْقَاتِلِ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ، وَلَوْ قَالَ: كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا صَبِيٌّ فَلَا قِصَاصَ وَلَا يُحَلَّفُ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ.

وَيَجِبُ عَلَى الْمَعْصُومِ وَالْمُرْتَدِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَالَ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْقَاتِلِ) تَكْلِيفٌ، وَهُوَ (بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، لِخَبَرِ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ "

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّهُ فِي الْمَجْنُونِ إذَا كَانَ الْجُنُونُ مُطْبِقًا. أَمَّا الْمُتَقَطِّعُ فَيُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ فَهُوَ كَالْعَاقِلِ الَّذِي لَا جُنُونَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ الَّذِي لَا إفَاقَةَ لَهُ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (عَلَى السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ عِنْدَ غَيْرِ الْمُصَنِّفِ، وَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَرْكِ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ مَنْ رَامَ الْقَتْلَ لَا يَعْجِزُ أَنْ يَسْكَرَ حَتَّى لَا يُقْتَصَّ مِنْهُ. وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْعَقْلِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَنْ تَعَدَّى بِشُرْبِ دَوَاءٍ مُزِيلٍ لِلْعَقْلِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي فَهُوَ كَالْمَعْتُوهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ: كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) وَكَذَّبَهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ (صُدِّقَ) الْقَاتِلُ (بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) وَقْتَ الْقَتْلِ (وَعُهِدَ الْجُنُونُ) قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ صِبَاهُ وَلَمْ يُعْهَدْ جُنُونُهُ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِجُنُونِهِ وَأُخْرَى بِعَقْلِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ عُلِمَ حَالُهُ وَكَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُقَيَّدَتَيْنِ بِحَالَةِ الْمَوْتِ تَعَارَضَتَا أَوْ لَوْ اتَّفَقَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَالْقَاتِلُ عَلَى زَوَالِ عَقْلِهِ، لَكِنَّ الْوَلِيَّ يَقُولُ بِسُكْرٍ تَعَدَّى فِيهِ، وَالْقَاتِلُ بِجُنُونٍ صُدِّقَ الْقَاتِلُ كَمَا أَطْلَقَاهُ (وَلَوْ قَالَ) الْقَاتِلُ (أَنَا) الْآنَ (صَبِيٌّ) وَأَمْكَنَ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَلَا يُحَلَّفُ) أَنَّهُ صَبِيٌّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ لِإِثْبَاتِ صِبَاهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَبَطَلَتْ يَمِينُهُ، فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالٌ لِتَحْلِيفِهِ، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَا قِصَاصَ) وَلَا دِيَةَ (عَلَى حَرْبِيٍّ) قَتَلَ حَالَ حِرَابَتِهِ، وَإِنْ عُصِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِسْلَامٍ أَوْ عَقْدِ ذِمَّةٍ، لِمَا تَوَاتَرَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ مِنْ عَدَمِ الْقِصَاصِ مِمَّنْ أَسْلَمَ كَوَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ.

(وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ. أَمَّا بِالتَّأْوِيلِ بِأَنْ قَتَلَ الْبُغَاةَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فِي حَالِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي.

تَنْبِيهٌ: عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَيَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ، فَعَدَلَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ إلَى الْمَعْصُومِ لِعُمُومِهَا، وَزَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَ) عَلَى (الْمُرْتَدِّ) لِأَجْلِ تَعْبِيرِهِ بِالْمَعْصُومِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَى الْمَفْهُومِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْقِصَاصَ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّهُ فِي الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ، وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ الضَّمَانُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْمَنْعِ.

(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015