وَالْقَادِّ فَقَطْ، وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ فَلَا.
وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ تَعَلُّقَ الْقِصَاصِ بِالْحَافِرِ لَوْ انْفَرَدَ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ شَرْطٌ، وَالشَّرْطُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ كَمَا مَرَّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِوُجُودِ الْقِصَاصِ مِنْ كَوْنِ التَّرْدِيَةِ يَحْصُلُ مِنْهَا الْقَتْلُ غَالِبًا كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ (وَ) عَلَى (الْقَادِّ) فِي الثَّالِثَةِ الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَطَعَ أَثَرَ السَّبَبِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي وَإِنْ عَرَفَ الْحَالَ أَوْ كَانَ الْقَادُّ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُ كَحَرْبِيٍّ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْقَادُّ مَجْنُونًا ضَارِبًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُلْقِي كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي عَلَى مَا تَقَرَّرَ (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ) لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ كَلُجَّةِ الْبَحْرِ (فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ) وَلَوْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ هَلَكَ بِسَبَبِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ مُهْلِكَةٍ فِي أَسْفَلِهَا سِكِّينٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْمُلْقِي فَهَلَكَ بِهَا. وَالثَّانِي، وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ الرَّبِيعِ مِنْ صُورَةِ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ، وَالْأَصْحَابُ بَيْنَ رَادٍّ لَهُ وَمُضَعِّفٍ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْحُوتُ رَأْسَهُ وَيَلْقَمْهُ، وَإِلَّا وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُوتِ الَّذِي فِي اللُّجَّةِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ قَطْعًا كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ عَلَى أَسَدٍ فِي زَرِيبَتِهِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ إنَّهُ الَّذِي أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُلْقِي (فَلَا) قِصَاصَ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بِسَبَبِ الْإِهْلَاكِ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ دَفْعًا خَفِيفًا فَوَقَعَ عَلَى سِكِّينٍ فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا الدَّافِعُ، وَيَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ هُنَاكَ حُوتًا يَجِبُ الْقَوَدُ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ كَمَا لَوْ عَلِمَ السِّكِّينَ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الضَّرْبِ الثَّالِثِ، وَهُوَ السَّبَبُ الْحِسِّيُّ، فَقَالَ (وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ) لِشَخْصٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَتَلَهُ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ أَهْلَكَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ (وَكَذَا) يَجِبُ الْقِصَاصُ (عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْضًا بِفَتْحِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا لِاسْتِبْقَاءِ نَفْسِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ الْمُضْطَرُّ لِيَأْكُلَهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ عَلَى يَقِينٍ مِنْ التَّلَفِ إنْ لَمْ يَأْكُلْ بِخِلَافِ الْمُكْرَهَ، وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْمُكْرَهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِهِ، وَقِيلَ لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ، بَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا فَقَطْ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ كَوْنِ الْمُكْرِهِ الْإِمَامَ أَوْ