هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ.
وَالْمُمَيِّزُ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ أَوْ نَكَحَتْ فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ، وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ اخْتَارَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQجُمْلَةِ النَّفَقَةِ، فَهِيَ حِينَئِذٍ كَالْأَبِ (هَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا (كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ) وَهُوَ كَمَا مَرَّ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ كَطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ بَالِغٍ.
(وَالْمُمَيِّزُ) الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ) مِنْ النِّكَاحِ وَصَلُحَا لِلْحَضَانَةِ، وَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دِينًا أَوْ مَالًا أَوْ مَحَبَّةً (كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْغُلَامَةُ كَالْغُلَامِ فِي الِانْتِسَابِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْكَفَالَةِ الْحِفْظُ لِلْوَلَدِ، وَالْمُمَيِّزُ أَعْرَفُ بِحَظِّهِ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ، وَسِنُّ التَّمْيِيزِ غَالِبًا سَبْعُ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ تَقْرِيبًا، وَقَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى السَّبْعِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ الثَّمَانِ، وَالْحُكْمُ مَدَارُهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى السِّنِّ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا أُخِّرَ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَلَدَ يَتَخَيَّرُ وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّ الْآخِرَ كَالْعَدَمِ، وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا فَامْتَنَعَ مِنْ كَفَالَتِهِ كَفَلَهُ الْآخَرُ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُمْتَنِعُ أُعِيدَ التَّخْيِيرُ، وَإِنْ امْتَنَعَا وَبَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ لَهَا كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَيْهِمَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكِفَايَةِ أَمَّا إذَا صَلُحَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ (جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ أَوْ نَكَحَتْ) أَيْ الْأُنْثَى أَجْنَبِيًّا (فَالْحَقُّ لِلْآخِرِ) فَقَطْ وَلَا تَخْيِيرَ لِوُجُودِ الْمَانِعِ بِهِ، فَإِنْ عَادَ صَلَاحُ الْآخَرِ أَنْشَأَ التَّخْيِيرَ (وَيُخَيَّرُ) الْمُمَيِّزُ أَيْضًا عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ) أَيْ أَبٍ وَإِنْ عَلَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ لِوِلَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِ الْأُمِّ، أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا كَالْأُمِّ فَيُخَيَّرُ الْوَلَدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ (وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ) أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ حَاشِيَةِ النَّسَبِ مَعَ أُمٍّ تُخَيَّرُ بَيْنَ كُلٍّ وَبَيْنَ الْأُمِّ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ الْعُصُوبَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْحَوَاشِي كَالْأُصُولِ (أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْأُمِّ. وَالثَّانِي: تُقَدَّمُ فِي الْأُولَيَيْنِ الْأُمُّ وَفِي الْآخَرِ بَيْنَ الْأَبِ.
تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ الْعَمِّ مَعَ الْأُمِّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَمِثْلُ الْأَخِ وَالْعَمِّ ابْنُ الْعَمِّ فِي حَقِّ الذَّكَرِ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأُنْثَى، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُهَذَّبِ وَتَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ أَطْلَقَ كَثِيرٌ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّخْيِيرِ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأُخْتِ وَالْأَبِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشَّقِيقَةِ وَفِي الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ لِإِدْلَائِهَا بِالْأُمِّ.
أَمَّا الْأُخْتُ لِلْأَبِ فَلَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ اخْتَارَ) الْمُمَيِّزُ