بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ، وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا تَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتَهُ وَلَا لِمُكْتَسِبِهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَسَارُ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ يَسَارُ الْوَالِدِ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَيَسْتَقْرِضُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِوَفَائِهِ إذَا أَيْسَرَ (بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ) وَلَيْلَتِهِ الَّتِي تَلِيهِ سَوَاءٌ أَفَضَلَ ذَلِكَ بِكَسْبٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تَنْبِيهٌ: فِي مَعْنَى الْقُوتِ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ مَسْكَنٍ وَمَلْبَسٍ، فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ بِالْحَاجَةِ كَانَ أَوْلَى، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْعِيَالَ وَخَصَّهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِالزَّوْجَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْلَى، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ خَادِمَهَا وَأُمَّ وَلَدِهِ فِي حُكْمِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْفَلَسِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَوَّلَ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ خِلَافَهُ (وَيُبَاعُ فِيهَا) أَيْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ (مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَإِذَا بِيعَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ فَفِي الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُبَاعُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. وَالثَّانِي: يَسْتَقْرِضُ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُ الْعَقَارِ لَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ اهـ.
وَقَدْ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَلْيُرَجَّحْ هُنَا، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْكُلَّ وَتَعَذَّرَ الْإِقْرَاضُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَبِيعُ الْكُلَّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّشْطِيرِ (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) إذَا وَجَدَ مُبَاحًا يَلِيقُ بِهِ لِخَبَرِ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» ، وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَالْقُدْرَةِ بِالْمَالِ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَكَمَا يَلْزَمُهُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِالْكَسْبِ فَكَذَا بَعْضُهُ، وَالثَّانِي لَا، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ قَدْرُهَا يَسِيرٌ، وَالدَّيْنُ لَا يَنْضَبِطُ قَدْرُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ الْقَرِيبُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ وَلَا أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ، فَإِنْ فَعَلَ وَصَارَ بِذَلِكَ غَنِيًّا لَزِمَهُ مُؤْنَةُ قَرِيبِهِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ وُجُوبِ الِاكْتِسَابِ لِزَوْجَةِ الْأَبِ إنَّمَا هُوَ فِي نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى اكْتِسَابِ مُتَوَسِّطٍ أَوْ مُوسِرٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الزِّيَادَةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ الْإِجْبَارَ.
(وَلَا تَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِمَالِكٍ كِفَايَتَهُ) وَلَوْ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا (وَلَا لِمُكْتَسِبِهَا) بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى كَسْبِ كِفَايَتِهِ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ يَلِيقُ بِهِ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَكْسِبُ دُونَ كِفَايَتِهِ اسْتَحَقَّ الْقَدْرَ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ خَاصَّةً.
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَدَرَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ عَلَى النِّكَاحِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ ذَلِكَ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ؟ .
أُجِيبَ: بِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا نِهَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا إلَى أَنْ يَفْسَخَ لِئَلَّا تَجْمَعَ