وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ.
وَكِسْوَةٌ تَكْفِيهَا، فَيَجِبُ قَمِيصٌ، وَسَرَاوِيلُ وَخِمَارٌ وَمِكْعَبٌ، وَيَزِيدُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً، وَجِنْسُهَا قُطْنٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا يُطْبَخُ بِهِ (وَلَوْ كَانَتْ) عَادَتُهَا (تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ) لَهَا (الْأُدْمُ) وَلَا نَظَرَ لِعَادَتِهَا لِأَنَّهُ حَقُّهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ بَعْضَ الطَّعَامِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْوَاجِبِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْكِسْوَةُ فَقَالَ (وَ) يَجِبُ لَهَا (كِسْوَةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ، وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي حَدِيثٍ: وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْكِسْوَةُ (تَكْفِيهَا) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَتَخْتَلِفُ كِفَايَتُهَا بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا وَسِمَنِهَا وَهُزَالِهَا، وَبِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ بِاخْتِلَافِ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَدَوِيَّةِ وَالْحَضَرِيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي الْحَاوِي: لَوْ نَكَحَ حَضَرِيٌّ بَدَوِيَّةً وَأَقَامَا فِي بَادِيَةٍ. أَوْ حَاضِرَةٍ وَجَبَ عُرْفُهَا، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ عَكْسُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ اعْتَبَرْتُمْ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ وَلَمْ تَعْتَبِرُوهَا فِي الطَّعَامِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ مُتَحَقِّقَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَكِفَايَةَ الطَّعَامِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَلَمْ يَعْتَبِرُوهَا لِلْجَهْلِ بِهَا (فَيَجِبُ) لَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَمِيصٌ) وَهُوَ ثَوْبٌ مَخِيطٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَفِي ذَلِكَ إشْعَارٌ بِوُجُوبِ الْخِيَاطَةِ عَلَى الزَّوْجِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَسَرَاوِيلُ) وَهُوَ ثَوْبٌ مَخِيطٌ يَسْتُرُ أَسْفَلَ الْبَدَنِ وَيَصُونُ الْعَوْرَةَ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ مُؤَنَّثٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: مُذَكَّرٌ، وَهُوَ مُفْرَدٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِسَرَاوِيلَ إذْ لَا يَجِبُ الْجَمْعُ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ سِرْوَالَةٍ، وَمَحَلُّ وُجُوبِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا اعْتَادَتْ لُبْسَهُ، فَإِنْ اعْتَادَتْ لُبْسَ مِئْزَرٍ أَوْ فُوطَةٍ وَجَبَ، وَمَحَلُّ وُجُوبِهِ فِي الشِّتَاءِ. أَمَّا فِي الصَّيْفِ فَلَا كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ خِلَافَهُ (وَخِمَارٌ) وَهُوَ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ (وَمُكْعَبٌ) بِضَمِّ مِيمِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ كَمِقْوَدٍ، وَهُوَ مَدَاسُ الرِّجْلِ بِكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ نَعْلٍ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مِنْ جَمْعِهِ بَيْنَ الْمُكْعَبِ وَالْمَدَاسِ وَالنَّعْلِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَجِبُ لَهَا الْقَبْقَابُ إنْ اقْتَضَاهُ الْعُرْفُ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ لَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ (وَيَزِيدُ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى ذَلِكَ (فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً) مَحْشُوَّةً قُطْنًا أَوْ فَرْوَةً بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ، فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ فَجُبَّتَانِ، أَوْ فَرْوَتَانِ فَأَكْثَرُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالشِّتَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَإِذَا لَمْ تَسْتَغْنِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ بِالثِّيَابِ عَنْ الْوُقُودِ وَجَبَ لَهَا مِنْ الْحَطْبِ وَالْفَحْمِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ، قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ وَأَقَرَّاهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَإِذَا كَانَ الْمَنَاطُ الْعَادَةَ فَأَكْثَرُ الْبَوَادِي لَا يُوقِدُونَ إلَّا بِالْبَعْرِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْوَاجِبَ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَجِبُ لَهَا أَيْضًا تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ كُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ، وَتِكَّةٍ لِلِّبَاسِ وَزِرٍّ لِلْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهَا (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْكِسْوَةِ (قُطْنٌ) أَيْ ثَوْبٌ