عَلَى مُوسِرٍ لِزَوْجَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّا طَعَامٍ، وَمُعْسِرٍ مُدٌّ، وَمُتَوَسِّطٍ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ. قُلْت: الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ، وَمَنْ فَوْقَهُ إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ، وَإِلَّا فَمُوسِرٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ حَالِ الزَّوْجِ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: يَجِبُ (عَلَى مُوسِرٍ) حُرٍّ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ أَمَةً وَكِتَابِيَّةً (كُلَّ يَوْمٍ) بِلَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ (مُدَّا طَعَامٍ، وَ) عَلَى (مُعْسِرٍ مُدٌّ، وَ) عَلَى (مُتَوَسِّطٍ) حُرٍّ (مُدٌّ وَنِصْفٌ) وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] ، وَاعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ لَهُ مُدٌّ فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَهُوَ مُدَّانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ الْمُوسِعِ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلُّ، وَهُوَ قَوْلَانِ الْمُدُّ الْوَاحِدُ يَكْتَفِي بِهِ الزَّهِيدُ وَيَتَقَنَّعُ بِهِ الرَّغِيبُ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُلْزِمَ الْمُدَّيْنِ لَضَرَّهُ، وَلَوْ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِمُدٍّ لَضَرَّهَا فَلَزِمَهُ مَدٌّ وَنِصْفٌ، وَقِيلَ، وَنُسِبَ لِلْقَدِيمِ: أَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالْكِفَايَةِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِظَاهِرِ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي وَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى أَصْحَابِنَا تَقْدِيرَهُمْ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ بِالْأَمْدَادِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَلَفًا فِي التَّقْدِيرِ بِالْأَمْدَادِ، وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّهَا بِالْمَعْرُوفِ تَأَسِّيًا وَاتِّبَاعًا.
وَأُجِيبَ مِنْ جِهَةِ الْأَوَّلِ بِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا بِالْكِفَايَةِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الْمَرِيضَةِ وَمَنْ هِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ بِالشِّبَعِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِذَا بَطَلَتْ الْكِفَايَةُ حَسُنَ تَقْرِيبُهَا مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَالْمُدُّ) مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَالَ الرَّافِعِيُّ (مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، وَخَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ، فَقَالَ (قُلْت: الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ) دِرْهَمًا (وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي زَكَاةِ الْبَنَاتِ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ (وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ) وَقَدْ مَرَّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ وَكَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ (مُعْسِرٌ) لَكِنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ عَنْ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ بِالْكَسْبِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ فِي كَلَامِهِ قَلْبٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْمُعْسِرُ هُنَا مِسْكِينُ الزَّكَاةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ فَقِيرَهَا كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ (وَمَنْ فَوْقَهُ) أَيْ الْمِسْكِينِ (إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ) إنْفَاقَ (مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْجِعْ مِسْكِينًا (فَمُوسِرٌ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالرَّخَاءِ وَقِلَّةِ الْعِيَالِ وَكَثْرَتِهِمْ،.
وَلَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ يَسَارَ الزَّوْجِ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إذَا لَمْ