وَطَعَامٍ وَكُحْلٍ، وَاكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ إلَّا لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ، وَإِسْفِيذَاجٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَأَنْ نَكْتَحِلَ، وَأَنْ نَتَطَيَّبَ، وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» (وَ) يَحْرُمُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُهَا الطِّيبَ (فِي طَعَامٍ وَكُحْلٍ) غَيْرِ مُحَرَّمٍ قِيَاسًا عَلَى الْبَدَنِ، وَضَابِطُ الطِّيبِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهَا كُلُّ مَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، لَكِنْ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا فِي اسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَثْنَى اسْتِعْمَالَهَا عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ، وَكَذَا مِنْ النِّفَاسِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَلِيلًا مِنْ قِسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ، وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْبَخُورِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ فِي مُسْلِمٍ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى تَطَيُّبٍ جَازَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِحَالِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا دَهْنُ شُعُورِ رَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا إنْ كَانَ لَهَا لِحْيَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ بِخِلَافِ دَهْنِ سَائِرِ الْبَدَنِ وَ (اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ: حَجَرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْكُحْلُ الْأَسْوَدُ، وَيُسَمَّى بِالْأَصْبَهَانِيِّ، وَإِنَّمَا حَرُمَ ذَلِكَ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الْمَارِّ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَزِينَةً لِلْعَيْنِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَيْضَاءُ وَالسَّوْدَاءُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ لِلسَّوْدَاءِ
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الْكُحْلِ الْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ لَكِنَّهُ يُوهِمُ جَوَازَ الْأَصْفَرِ وَهُوَ الصَّبْغُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى السَّوْدَاءِ وَكَذَا عَلَى الْبَيْضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُحَسِّنُ الْعَيْنَ (إلَّا) اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ أَوْ صَبْرٍ (لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ) فَيَجُوزُ لَهَا لِلضَّرُورَةِ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا لَيْلًا وَامْسَحِيهِ نَهَارًا» وَحَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِلْجَوَازِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا؟ قَالَ: لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا» فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفَ عَلَى عَيْنِهَا، أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ بِدُونِهِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ زَادَهَا عَبْدُ الْحَقِّ «إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا، قَالَ: لَا وَإِنْ انْفَقَأَتْ» .
وَأُجِيبَ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِكِ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ، وَإِذْ قَدْ عَلِمْت ذَلِكَ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازَ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَإِنَّ الْقَائِلَ بِهِ خَصَّهُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا أَيْضًا جَازَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازَ عَلَى ذَلِكَ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا (إسْفِيذَاجٌ) لِأَنَّهُ يُزَيَّنُ بِهِ الْوَجْهُ، وَهُوَ بِفَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَا يُتَّخَذُ مِنْ