وَحَامِلٍ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ
فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ عَنْ حَامِلٍ فَبِالْأَشْهُرِ، وَكَذَا مَمْسُوحٌ إذْ لَا يَلْحَقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَلْحَقُ مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ فَتَعْتَدُّ بِهِ، وَكَذَا مَسْلُولٌ بَقِيَ ذَكَرُهُ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفَاةٍ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَتُكَمِّلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَلَا تُحِدُّ، وَلَهَا النَّفَقَةُ إنْ كَانَتْ حَامِلًا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَذَكَرَ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا إذَا مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حَامِلٌ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا هُنَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَاعْتُبِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْإِحْدَادِ لَا يَلْزَمَانِ أُمَّ الْوَلَدِ وَفَاسِدَةَ النِّكَاحِ وَالْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الْبَائِنَ بِمَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَإِنْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ وَقُلْنَا: لَا تَرِثُ احْتِيَاطًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (وَ) عِدَّةُ وَفَاةِ (حَامِلٍ بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) وَهُوَ انْفِصَالُ كُلِّهِ حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ، وَإِمْكَانُ نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِسُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَقَدْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ: قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
تَنْبِيهٌ: لَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ: وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ كَالْبَائِنِ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ (فَلَوْ) (مَاتَ صَبِيٌّ) لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ (عَنْ حَامِلٍ) (فَبِالْأَشْهُرِ) تَعْتَدُّ لَا بِالْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ يَقِينًا لِعَدَمِ إنْزَالِهِ (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ (مَمْسُوحٌ) وَهُوَ الْمَقْطُوعُ جَمِيعُ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ عَنْ حَامِلٍ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لَا بِالْوَضْعِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إذْ لَا يَلْحَقُهُ) وَلَدٌ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ، فَإِنَّ الْأُنْثَيَيْنِ مَحَلُّ الْمَنِيِّ الَّذِي يَتَدَفَّقُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الظَّهْرِ وَلَمْ يُعْهَدْ لِمِثْلِهِ وِلَادَةٌ، وَقِيلَ: يَلْحَقُهُ، وَبِهِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْقَاضِيَانِ الْحُسَيْنُ وَأَبُو الطَّيِّبِ؛ لِأَنَّ مَعْدِنَ الْمَاءِ الصُّلْبِ، وَهُوَ يَنْفُذُ مِنْ ثُقْبِهِ إلَى الظَّاهِرِ وَهُمَا بَاقِيَانِ حُكِيَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ حَرْبَوَيْهِ قُلِّدَ قَضَاءَ مِصْرَ وَقَضَى بِهِ، فَحَمَلَهُ الْمَمْسُوحُ عَلَى كَتِفِهِ وَطَافَ بِهِ الْأَسْوَاقَ، وَقَالَ: اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الْقَاضِي يُلْحِقُ أَوْلَادَ الزِّنَا بِالْخُدَّامِ (وَيَلْحَقُ) الْوَلَدُ (مَجْبُوبًا) قُطِعَ جَمِيعُ ذَكَرِهِ، وَ (بَقِيَ أُنْثَيَاهُ فَتَعْتَدُّ) لِوَفَاتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ (بِهِ) أَيْ الْوَضْعِ كَالْفَحْلِ لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ وَمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَّةِ الْمُحِيلَةِ لِلدَّمِ، وَالذَّكَرُ آلَةٌ تُوصِلُ الْمَاءَ إلَى الرَّحِمِ بِالْإِيلَاجِ، وَقَدْ يَصِلُ بِلَا إيلَاجٍ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ: إنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ لَا تَجِبُ عَلَى زَوْجَةِ مَنْ جُبَّ ذَكَرُهُ وَبَقِيَ أُنْثَيَاهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ دُخُولٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ (وَكَذَا مَسْلُولٌ) خُصْيَتَاهُ وَ (بَقِيَ ذَكَرُهُ بِهِ) يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ أَوْ الطَّلَاقِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ آلَةَ الْجِمَاعِ بَاقِيَةٌ، وَقِيلَ: لَا يَلْحَقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ قَدْ