وَلَوْ زِنَى مَقْذُوفٌ سَقَطَ الْحَدُّ، أَوْ ارْتَدَّ فَلَا
وَمَنْ زَنَى مَرَّةً ثُمَّ صَلَحَ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا، وَحَدُّ الْقَذْفِ يُورَثُ وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، وَلَا بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ
(وَلَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ) قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ (سَقَطَ الْحَدُّ) عَنْ قَاذِفِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يُسْتَيْقَنُ بَلْ يُظَنُّ، وَظُهُورُ الزِّنَا يَخْدِشُهُ كَالشَّاهِدِ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ شَهِدَ بِشَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ
تَنْبِيهٌ: الْوَطْءُ الْمُسْقِطُ لِلْإِحْصَانِ كَطُرُوِّ الزِّنَا (أَوْ ارْتَدَّ، فَلَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّدَّةِ وَالزِّنَا أَنَّهُ يَكْتُمُ مَا أَمْكَنَ، فَإِذَا ظَهَرَ أَشْعَرَ بِسَبْقِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السِّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَالْعَقَائِدُ لَا تَخْفَى غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ، وَكَالرَّدَّةِ السَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ؛ لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا قَذَفَ بِهِ
(وَمَنْ زَنَى) حَالَ تَكْلِيفِهِ وَلَوْ (مَرَّةً ثُمَّ صَلَحَ) بِأَنْ تَابَ وَصَلَحَ حَالُهُ (لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا) أَبَدًا وَلَوْ لَازَمَ الْعَدَالَةَ وَصَارَ مِنْ أَوْرَعِ خَلْقِ اللَّهِ وَأَزْهَدِهِمْ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ سَوَاءٌ أَقَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا، أَمْ بِزِنًا بَعْدَهُ، أَمْ أَطْلَقَ، لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَا لَمْ يَزُلْ خَلَلُهُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ الْعِفَّةِ فَإِنْ قِيلَ: «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» .
أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ
تَنْبِيهٌ دَخَلَ فِي قَوْلِنَا حَالَ تَكْلِيفِهِ الْعَبْدَ وَالْكَافِرَ فَإِنَّهُمَا إذَا زَنَيَا لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُمَا بَعْدَ الْكَمَالِ لِمَا ذَكَرَ، وَخَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَإِنَّ حَصَانَتِهَا لَا تَسْقُطُ بِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَيُحَدُّ مَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَعْدَ الْكَمَال؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَيْسَ بِزِنًا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ (وَحَدُّ الْقَذْفِ) وَتَعْزِيرُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (يُورَثُ) كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَسْتَوْفِيهِ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لِلتَّشَفِّي كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قِصَاصِ الْأَطْرَافِ (وَيَسْقُطُ) إمَّا (بِعَفْوٍ) عَنْ جَمِيعِهِ كَغَيْرِهِ أَوْ بِأَنْ يَرِثَ الْقَاذِفُ الْحَدَّ، فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ، وَأَلْحَقَ فِي الرَّوْضَةِ التَّعْزِيرَ بِالْحَدِّ، فَقَالَ: إنَّهُ يَسْقُطُ بِعَفْوٍ أَيْضًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ جَوَازَ اسْتِيفَاءِ الْإِمَامِ لَهُ مَعَ الْعَفْوِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالسُّقُوطِ سُقُوطُ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ التَّعْزِيرِ ثُمَّ عَادَ وَطَلَبَهُ لِإِيجَابٍ، وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ لِلْمَصْلَحَةِ، لَا لِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَاكَ
فُرُوعٌ: لَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِي وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اغْتَابَ شَخْصًا لَمْ يُؤَثِّرْ التَّحْلِيلُ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِزِنًا يَعْلَمُهُ الْمَقْذُوفُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَهُ طَلَبُهُ، وَلَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ، كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ يُعَزَّرُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ حَدَّ الْقَذْفِ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ (يَرِثُهُ) أَيْ جَمِيعَهُ (كُلُّ) فَرْدٍ مِنْ (الْوَرَثَةِ) الْخَاصِّينَ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ عَلَى