وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ، وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ فِي الْأَصَحِّ، وَزَنَيْت فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ، وَلَهَا يَا خَبِيثَةُ، وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ، وَلِقُرَشِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ، وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ لَا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: وَطِئَك فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ اثْنَانِ مَعًا لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِاسْتِحَالَتِهِ فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ فَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، فَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِقُبُلٍ وَلَا دُبُرٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُحَدُّ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ بِوَطْءِ وَاحِدٍ فِي الْقُبُلِ وَالْآخَرُ فِي الدُّبُرِ اهـ

وَفِي هَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُ النِّسَاءَ (وَزَنَأْت) بِالْهَمْزِ (فِي الْجَبَلِ) أَوْ السُّلَّمِ أَوْ نَحْوِهِ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الزِّنَا فِي الْجَبَلِ وَنَحْوِهِ هُوَ الصُّعُودِ فِيهِ، وَاحْتَرَزَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْجَبَلِ عَمَّا لَوْ قَالَ: زَنَأْت بِالْهَمْزَةِ فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ) أَيْ بِالْهَمْزِ وَحَذْفُ الْجَبَلِ، كِنَايَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَالْيَاءُ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَةً وَالثَّالِثُ: إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَصَرِيحٌ (وَزَنَيْت) بِالْيَاءِ (فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِلظُّهُورِ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الدَّارِ، وَذِكْرُ الْجَبَلِ يَصْلُحُ فِيهِ إرَادَةُ مَحِلِّهِ، فَلَا يَنْصَرِفُ الصَّرِيحُ عَنْ مَوْضُوعِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت الصُّعُودَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَاءَ قَدْ تُقَامُ مَقَامَ الْهَمْزَةِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَالثَّالِثُ: إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَصَرِيحٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ، وَلَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ بِالْيَاءِ كَانَ كِنَايَةً كَمَا قَالَاهُ فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ كَقَوْلِهِ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ كَمَا مَرَّ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لِمَا قَرَنَ قَوْلَهُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ الصُّعُودِ بِالِاسْمِ الْمُنَادَى الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لِإِنْشَاءِ الْعُقُودِ خَرَجَ عَنْ الصَّرَاحَةِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ (وَقَوْلُهُ) لِرَجُلٍ (يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ) يَا خَبِيثُ (وَلَهَا) أَيْ لِامْرَأَةٍ يَا فَاجِرَةُ يَا فَاسِقَةُ (يَا خَبِيثَةُ وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ) أَيْ الظُّلْمَةَ أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ (وَلِقُرَشِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ) نِسْبَةً لِلْأَنْبَاطِ، وَهُمْ قَوْمٌ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ أَيْ أَهْلِ الزِّرَاعَةِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ الْمَاءَ أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ (وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ) أَوْ بِكْرًا أَوْ وَجَدْت مَعَك رَجُلًا (كِنَايَةٌ) فِي الْقَذْفِ هُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِاحْتِمَالِهَا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ، وَالْقَذْفُ فِي: " يَا نَبَطِيُّ " لِأُمِّ الْمُخَاطِبَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَرَبِيِّ بَدَلَ الْقُرَشِيِّ لَكَانَ أَعَمَّ

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لِزَوْجَتِهِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَصْوِيرُهُ فِيمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدُّمُ افْتِضَاضٍ مُبَاحٍ، فَإِنْ عُلِمَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَطْعًا

تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ: يَا لُوطِيُّ، فَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ، وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَعَ مَا مَرَّ: قَدْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعُرْفِ بِإِرَادَةِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، بَلْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا هَذَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا شَاعَ لَفْظٌ فِي الْعُرْفِ، كَقَوْلِهِ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِهِ أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015