فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا لَا بُدَّ مِنْهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ
وَلَا يَجِبُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ وَرَأْسِ مَالٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا عَنْ كِفَايَتِهِ، وَلَا مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا فِي الْأَصَحِّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَرْضٍ حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ شَرْعًا (نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا) وَإِخْدَامًا (لَا بُدَّ مِنْهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ) وَهَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ مَا ذَكَرَ، قَالَ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [المجادلة: 4] الْآيَةَ أَمَّا مَنْ مَلَكَ عَبْدًا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ لِمَرَضٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ ضَخَامَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ خِدْمَتِهِ نَفْسَهُ، أَوْ مَنْصِبٌ يَأْبَى أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ، بِخِلَافِ مَنْ هُوَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ فَيَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ، لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِصَرْفِ الْعَبْدِ إلَى الْكَفَّارَةِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ، وَإِنَّمَا يَفُوتُهُ نَوْعُ رَفَاهِيَةٍ، وَاسْتَثْنَى فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ السَّفِيهَ وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُمْ هُنَا يَشْمَلُهُ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي الْحَجْرِ أَنَّهُ كَالْمُعْسِرِ حَتَّى إذَا حَلَفَ وَحَنِثَ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِ مُدَّةِ النَّفَقَةِ وَبَقِيَّةِ الْمُؤَنِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ ذَلِكَ بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ وَأَنْ يُقَدَّرَ سَنَةً، وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْهُمَا الثَّانِي، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِالثَّانِي عَلَى قِيَاسِ مَا صَنَعَ فِي الزَّكَاةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَ فِي الْحَجِّ وَفِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَنَّ كُتُبَ الْفَقِيهِ لَا تُبَاعُ فِي الْحَجِّ وَلَا تَمْنَعُ أَخْذَ الزَّكَاةِ وَفِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ خَيْلَ الْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ تَبْقَى لَهُ يُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا بَلْ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
(وَلَا يَجِبُ) عَلَى الْمُكَفِّرِ (بَيْعُ ضَيْعَةٍ) وَهِيَ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: الْعَقَارُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَ) لَا بَيْعُ (رَأْسِ مَالٍ) لِلتِّجَارَةِ بِحَيْثُ (لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا) مِنْ غَلَّةِ الضَّيْعَةِ وَرِبْحِ مَالَ التِّجَارَةِ (عَنْ كِفَايَتِهِ) لِمُمَوِّنِهِ لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ بَلْ يَعْدِلُ الْمُكَفِّرُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلصَّوْمِ، فَإِنْ فَضَلَ دَخْلُهُمَا عَنْ كِفَايَتِهِ بَاعَهُمَا قَطْعًا (وَلَا) بَيْعَ (مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا فِي الْأَصَحِّ) لِعُسْرِ مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ وَنَفَاسَتِهِمَا بِأَنْ يَجِدَ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ مَسْكَنًا يَكْفِيهِ وَعَبْدًا يُعْتِقُهُ، وَبِثَمَنِ الْعَبْدِ عَبْدًا يَخْدُمُهُ وَآخَرَ يُعْتِقُهُ وَالثَّانِي: يَجِبُ بَيْعُهُمَا لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مُفَارِقَةِ الْمَأْلُوفِ فِي ذَلِكَ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ أَلِفَهُمَا لَوْ لَمْ يَأْلَفْهُمَا فَيَجِبُ الْبَيْعُ وَالْإِعْتَاقُ قَطْعًا
تَنْبِيهٌ كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْخَادِمِ بَدَلَ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْأَمَةَ كَذَلِكَ لَا سِيَّمَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا لِلْوَطْءِ وَفِي الِاسْتِذْكَارِ: لَوْ كَانَ لَهُ أَمَةٌ لِلْوَطْءِ وَخَادِمٌ إنْ أَمْكَنَ أَنْ تَخْدُمَهُ الْأَمَةُ أَعْتَقَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَبْدِ الْجِنْسُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ هُنَا كَذَلِكَ وَيَجِبُ بَيْعُ فَاضِلِ دَارِهِ الْوَاسِعَةِ إنْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ مَعَ سُكْنَى الْبَاقِي، إذْ لَا ضَرَرَ وَلَا عُسْرَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَأْلُوفَةُ وَغَيْرُهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ كَثِيرِينَ لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُهَا، وَبَيْعُ ثَوْبٍ نَفِيسٍ لَا يَلِيقُ بِالْمُكَفِّرِ، إذَا حَصَلَ بِهِ غَرَضُ