وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ مُؤَقَّتًا، وَفِي قَوْلٍ مُؤَبَّدًا، وَفِي قَوْلٍ لَغْوٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ أَنَّ عَوْدَهُ لَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكٍ بَلْ بِوَطْءٍ فِي الْمُدَّةِ وَيَجِبُ النَّزْعُ بِمُغَيِّبِ الْحَشَفَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشَّرْحَيْنِ تَرْجِيحُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لَا يَحِلُّ بِالنِّكَاحِ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ، حَمْلًا لِلْمَسِّ فِي الْآيَةِ عَلَى الْجِمَاعِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]
تَنْبِيهٌ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ فِي الْحَيْضِ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُ التَّحْرِيمُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي هُنَا، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ قَطْعًا، وَتَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِمُبَاشَرَةِ الْبَشَرَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ
وَأَمَّا الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ فَقَدْ شَرَعَ فِي صِحَّتِهِ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ (وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرًا ظِهَارًا (مُؤَقَّتًا) فِي الْأَظْهَرِ عَمَلًا بِالتَّأْقِيتِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ فَصَحَّ كَالظِّهَارِ الْمُعَلَّقِ (وَفِي قَوْلٍ) يَصِحُّ ظِهَارًا (مُؤَبَّدًا) وَيَلْغُو تَأْقِيتُهُ تَغْلِيبًا لِشَبَهِهِ بِالطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ) الْمُؤَقَّتُ (لَغْوٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَبِّدْ التَّحْرِيمَ، فَأَشْبَهَ مَا شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَى التَّأْبِيدِ
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا إثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الْكَفَّارَةِ دُونَ الْإِثْمِ بَلْ يَأْثَمُ بِلَا خِلَافٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ صِحَّتُهُ مُؤَقَّتًا (الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّ عَوْدَهُ) فِيهِ (لَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكٍ) لِزَوْجَةٍ ظَاهَرَ مِنْهَا مُؤَقَّتًا (بَلْ) يَحْصُلُ (بِوَطْءٍ فِي الْمُدَّةِ) لِأَنَّ الْحِلَّ مُنْتَظَرٌ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَالْإِمْسَاكُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِانْتِظَارِ الْحِلِّ أَوْ لِلْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا وَطِئَ فَقَدْ تَحَقَّقَ الْإِمْسَاكُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَوْدَ فِيهِ كَالْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ إلْحَاقًا لِأَحَدِ نَوْعَيْ الظِّهَارِ بِالْآخَرِ
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْوَطْءَ نَفْسَهُ عَوْدٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بِهِ الْعَوْدُ بِالْإِمْسَاكِ عَقِبَ الظِّهَارِ (وَ) عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ الْمُوجِبَ لِلْكَفَّارَةِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، بَلْ (يَجِبُ النَّزْعُ بِمُغَيِّبِ الْحَشَفَةِ) لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَاسْتِمْرَارِ الْوَطْءِ وَطْءٌ
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطَأْ فِيهَا وَوَطِئَ بَعْدَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ، وَأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى انْقَضَتْ حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ يُخَالِفُ الْمُطْلَقَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ:
إحْدَاهَا: أَنَّ الْعَوْدَ فِيهِ بِالْوَطْءِ
ثَانِيهَا: أَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ حَلَالٌ
ثَالِثُهَا: أَنَّ التَّحْرِيمَ بَعْدَ الْوَطْأَةِ الْأُولَى يَمْتَدُّ إلَى التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَرَّمَ الْمَسِيسَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَمَنْ قَالَ: أَوْ