وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا، وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ، فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ

وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ لَمْ يَصِحَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ بِالِامْتِنَاعِ، فَلَوْ قَالَ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ مَعَ إمْكَانِ وَطْئِهِ لَكَانَ أَوْلَى

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَقَالَ: (وَالْجَدِيدُ) وَوَصَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَظْهَرِ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِيلَاءَ (لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ) تَعَالَى (بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا) كَإِنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ أَوْ ضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (أَوْ) نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَأَنْ (قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا) لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَتَنَاوَلَتْهُ الْآيَةُ، لِأَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْحَلِفُ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ»

تَنْبِيهٌ: أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَلِفِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَمَا سَبَقَ فِي تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ بِالطَّلَاقِ أَوْ قُرْبَةٍ كَهَذِهِ الْأَمْثِلَةِ، وَكَلَامُهُ هُنَا وَفِيمَا سَبَقَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَكُونُ بِغَيْرِ الْحَلِفِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً مَثَلًا أَنَّهُ إيلَاءٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَلِفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْحَاكِمِينَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ، وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ الْحُكْمَ دُونَ الصِّفَةِ بِقَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ، وَالْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ يَمِينُ لَجَاجٍ، وَالْيَمِينُ بِصَوْمِ شَهْرِ الْوَطْءِ إيلَاءٌ كَإِنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ، فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ وَيَجْزِيهِ صَوْمُ بَقِيَتْهُ وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ، وَلَيْسَ الْيَمِينُ بِصَوْمِ هَذَا الشَّهْرِ إيلَاءٌ، وَلَا بِصَوْمِ هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ حَلَفَ زَوْجٌ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ) أَيْ تَرْكِ الْوَطْءِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ، وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ (فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ) أَيْ خَالِصَةٌ مِنْ شَائِبَةِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ (فَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ بَعْدَ الْحَلِفِ (فَلَا إيلَاءَ) بِحَلِفِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ، فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَحُكْمُ السَّيِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَلَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ وَلَوْ حَلَفَ غَيْرُ الزَّوْجِ لَشَمِلَ ذَلِكَ

ثُمَّ شَرَعَ فِي شَرْطِ الزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُمَا فِي خِيَارِ النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ الْإِيلَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ وَالْإِضْرَارِ لِامْتِنَاعِ الْأَمْرِ فِي نَفْسِهِ

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ تَمْثِيلُهُ بِالْمَانِعِ الْحِسِّيِّ صِحَّةَ الْإِيلَاءِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْمُضْنَاةُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ احْتِمَالِهِمَا الْوَطْءَ ثُمَّ شَرَعَ فِي مُحْتَرَزِ كَوْنِ الزَّوْجِ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ كُلِّهِ، وَكَذَا إنْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ الْحَشَفَةِ (لَمْ يَصِحَّ) إيلَاؤُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015