وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ، فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ، فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَالَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي قَدْرِهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ.

فَائِدَةٌ: الْإِبْرَاءُ مِنْ جِهَةِ الْمُبْرِئِ تَمْلِيكٌ، وَمِنْ جِهَةِ الْمُبْرَإِ إسْقَاطٌ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، هَذَا إذَا لَمْ يَئُلْ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى مُعَاوَضَةٍ كَمَا هُنَا وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: أَمَّا فِي الْخُلْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ بِمِقْدَارِ مَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمُعَاوَضَةِ. قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمَاعَةٌ وَأَخَذُوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبْرَأِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْنُونَةِ بِالْخَمْرِ مَا لَوْ خَالَعَ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ، أَوْ الْمَغْصُوبِ، أَوْ عَبْدِهَا هَذَا، أَوْ عَلَى صَدَاقِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنِيَابَةٍ وَلَا اسْتِقْلَالٍ، بَلْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، وَلَيْسَ لَنَا صُورَةٌ تَقَعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ رَجْعِيًّا وَلَا مَهْرَ سِوَاهَا.

فَرْعٌ: لَوْ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، فَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْوَسِيطِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَعَنْ غَيْرِهِ وُقُوعُهُ بَائِنًا. ثُمَّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ. وَالثَّانِي: فِيمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ فِي كَفِّهَا شَيْئًا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمَعْرُوفُ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وُقُوعُهُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَصَوَّبَهُ فِي فَتَاوِيهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَاهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ مِنْ تَرْجِيحِ أَنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا بِبَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَوَجَّهَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ " مَا " فِي " بِمَا " فِي كَفِّهَا نَكِرَةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنَى شَيْءٍ وَإِسْنَادُهُ إلَى كَفِّهَا يُشْبِهُ إسْنَادَ الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ يَرْفَعُهُ فَيَلْغُو. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُشْكِلُ بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِي خُلْعٍ بِدَمٍ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يُقْصَدُ كَمَا مَرَّ فَذِكْرُهُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ خُلْعِهَا عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا شَيْء فِيهِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَوُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ خَالَعَهَا بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ مَعْلُومٍ نَشَأَ فَاسِدُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَهَالَةِ فَيَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ، وَيَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَ) يَجُوزُ (لَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِبَيَانِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ (فَلَوْ قَالَ) الزَّوْجُ (لِوَكِيلِهِ: خَالِعْهَا بِمِائَةٍ) مِنْ دَرَاهِمَ مَثَلًا مَعْلُومَةٍ (لَمْ يَنْقُصْ) وَكِيلُهُ (مِنْهَا) لِأَنَّهُ دُونَ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَأَفْهَمَ جَوَازَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا قَطْعًا كَمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمِائَةٍ وَثَوْبٍ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فِيمَا إذَا زَادَ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْهُ مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ مُحَابَاتَهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْخُلْعَ إنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا عِنْدَ الشِّقَاقِ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْعُدُ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِذْنَ لِوَكِيلِهِ كَخُلْعِهَا بِمَالٍ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ (لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا) بِأَنْ خَالَعَ بِدُونِ الْمِائَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015