وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَالَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ، وَالْمَنْعُ وَالْوُجُوبُ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَثَالِثُهَا: الطَّلَاقُ مِنْ مَمْسُوسَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] [الطَّلَاقُ] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ.
وَرَابِعُهَا: الطَّهَارَةُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهَا إذَا قَصَدَتْ التَّعَبُّدَ بِهَا مَعَ عِلْمِهَا بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِتَلَاعُبِهَا. أَمَّا الطَّهَارَةُ الْمَقْصُودَةُ لِلتَّنْظِيفِ كَأَغْسَالِ الْحَجِّ، فَإِنَّهَا تَأْتِي بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَ) خَامِسُهَا: أَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي فَرْجِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ وَالْمُبَاشَرَةُ بِ (مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا) وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] [الْبَقَرَةُ] وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» (1) وَخَصَّ بِمَفْهُومِهِ عُمُومَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» (2) وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ فَحُرِّمَ لِخَبَرِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» (3) (وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ) وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ بِجَعْلِهِ مُخَصَّصًا لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد.
قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَوْجَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ رِعَايَةِ الْأَحْوَطِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَخَرَجَ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ هُمَا وَبَاقِي الْجَسَدِ فَلَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِمَا، وَعَبَّرْتُ بِالْمُبَاشَرَةِ تَبَعًا لِلتَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ لِيَخْرُجَ الِاسْتِمْتَاعُ بِالنَّظَرِ، وَلَوْ بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ إذْ لَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنْ تَقْبِيلِهَا فِي وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ، وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ يَشْمَلُ النَّظَرَ وَاللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَبَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالِاسْتِمْتَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ أَيْ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِاللَّمْسِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا، وَالِاسْتِمْتَاعُ يَكُونُ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِشَهْوَةٍ. قَالَ: وَسَكَتُوا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ لِلزَّوْجِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ مَسَّهَا لِلذَّكَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ تَمَتُّعَاتِهِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ اهـ.
وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي نَظْمِ الْقِيَاسِ: أَنْ نَقُولَ كُلُّ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ نَمْنَعُهَا أَنْ تَلْمِسَهُ بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْمِسَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ سَائِرَ بَدَنِهَا إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ لَمْسِهِ بِمَا بَيْنَهُمَا، وَوَطْءُ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ كَبِيرَةٌ مِنْ الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ الْمُخْتَارِ، يُكَفِّرُ مُسْتَحِلُّهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (4) وَهُوَ حَسَنٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُسَنُّ