قَبْلَ الْخِطْبَةِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ، وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ وَلَا يَنْظُرُ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّالِ، وَقِيلَ: مِنْ الْإِدَامِ مَأْخُوذٌ مِنْ إدَامِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يُطَيَّبُ بِهِ، حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ الْأَوَّلَ عَنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالثَّانِي عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَوَقْتُهُ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) وَبَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْعَزْمِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَبَعْدَ الْخِطْبَةِ قَدْ يُفْضِي الْحَالُ إلَى التَّرْكِ فَيَشُقَّ عَلَيْهَا. وَمُرَادُهُ بِخَطَبَ فِي الْخَبَرِ عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «إذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» (وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ) هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ، وَلِئَلَّا تَتَزَيَّنَ فَيَفُوتَ غَرَضُهُ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِحُرْمَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْجِبْهُ سَكَتَ، وَلَا يَقُولُ: لَا أُرِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ (وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ) إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِيَتَبَيَّنَ هَيْئَتَهَا فَلَا يَنْدَمَ بَعْدَ النِّكَاحِ؛ إذْ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ غَالِبًا بِأَوَّلِ نَظْرَةٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ التَّكْرَارِ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثٍ لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ بِهَا غَالِبًا، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «أُرِيتُك فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ» . اهـ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يُضْبَطَ بِالْحَاجَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ غَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نَظَرِهِ بِالشَّهْوَةِ نَظَرٌ (وَلَا يَنْظُرُ) مِنْ الْحُرَّةِ (غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرًا وَبَطْنًا؛ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ مَا يَظْهَرُ مِنْ الزِّينَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] [النُّورُ] وَالْحِكْمَةُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي الْوَجْهِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْجَمَالِ، وَفِي الْيَدَيْنِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ. أَمَّا الْأَمَةُ وَلَوْ مُبَعَّضَةً فَيَنْظُرُ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ: إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَعَثَ امْرَأَةً أَوْ نَحْوَهَا تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وَقَالَ: اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا وَشُمِّي عَوَارِضَهَا» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْظُرُهُ فَيَسْتَفِيدَ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ، وَتَقْيِيدُ الْبَعْثِ بِعَدَمِ التَّيَسُّرِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ، وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ مِنْ الرَّجُلِ غَيْرَ عَوْرَتِهِ إذَا أَرَادَتْ تَزْوِيجَهُ، فَإِنَّهَا يُعْجِبُهَا مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا وَتَسْتَوْصِفُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّجُلِ.

تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَنْظُرُ مِنْ الْآخَرِ مَا عَدَا عَوْرَةَ الصَّلَاةِ، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَلَا يَجُوزُ؛ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. فَائِدَةٌ: أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ نَظَرُ الْمَخْطُوبَةِ وَلَهَا أَخٌ أَوْ ابْنٌ أَمْرَدُ يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَكَانَ يُشْبِهُهَا أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ الْخَاطِبِ إلَيْهِ اهـ.

وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِشَهْوَةٍ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ النَّظَرِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَخْطُوبَةَ مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ (وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ) عَاقِلٍ مُخْتَارٍ، وَلَوْ شَيْخًا وَعَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ، وَمُخَنَّثًا، وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ (إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ) وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ، لَا الْبَالِغَةُ (أَجْنَبِيَّةٍ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015