وَلِقَرِيبٍ
وَجَارٍ أَفْضَلُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَادَ التَّطَوُّعَ بِصَدَقَةٍ أَوْ بِرٍّ فِي رَجَبٍ أَوْ شَعْبَانَ مَثَلًا أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ، بَلْ الْمُسَارَعَةُ إلَى الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ بِلَا شَكٍّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ التَّصَدُّقَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ الشَّرِيفَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِمَّا يَقَعُ فِي غَيْرِهَا.
(وَ) دَفْعُهَا (لِقَرِيبٍ) أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ رَحِمًا وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا لِغَيْرِ الْقَرِيبِ وَلِلْقَرِيبِ غَيْرِ الْأَقْرَبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ، وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَفِي الْأَشَدِّ مِنْ الْأَقَارِبِ عَدَاوَةٌ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، لِيَتَأَلَّفَ قَلْبَهُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُجَانَبَةِ الرِّيَاءِ وَكَسْرِ النَّفْسِ. فَائِدَةٌ: سُئِلَ الْحَنَّاطِيُّ: هَلْ الْأَفْضَلُ وَضْعُ الرَّجُلِ صَدَقَتَهُ فِي رَحِمِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ؟
فَأَجَابَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَأُلْحِقَ بِالْأَقَارِبِ الزَّوْجُ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ أَتَيْتَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتَا لِبِلَالٍ سَلْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يُجْزِئُ أَنْ نَتَصَدَّقَ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَيَتَامَى فِي حُجُورِنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» وَيُقَاسُ بِالزَّوْجِ الزَّوْجَةُ، ثُمَّ هِيَ بَعْدُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ فِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ ذِي الرَّحِمِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ كَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَالْخَالِ، ثُمَّ فِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ الْمَحْرَمِ رَضَاعًا ثُمَّ مُصَاهَرَةً، ثُمَّ فِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَاءً مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ.
(وَ) دَفْعُهَا (لِجَارٍ) أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ (أَفْضَلُ) مِنْ دَفْعِهَا لِغَيْرِ الْجَارِ غَيْرِ مَنْ تَقَدَّمَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ فَقَالَ: إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا» وَقُدِّمَ الْجَارُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى قَرِيبٍ بَعِيدٍ مِنْ دَارِ الْمُتَصَدِّقِ بَلْ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تُنْقَلُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهِمَا، وَلَوْ كَانَ الْقَرِيبُ بِبَادِيَةٍ فَإِنْ كَانَتْ تُنْقَلُ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّهَا قُدِّمَ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُ، وَأَهْلُ الْخَيْرِ وَالْمُحْتَاجُونَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَيُسَنُّ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ مِمَّا يُحِبُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَأَنْ يَدْفَعَهَا بِبَشَاشَةٍ وَطِيبِ نَفْسٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْأَجْرِ وَجَبْرِ الْقَلْبِ.
وَتُكْرَهُ الصَّدَقَةُ بِالرَّدِيءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ، وَبِمَا فِيهِ شُبْهَةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ،.
وَلَا يَأْنَفُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِالْقَلِيلِ فَإِنَّ قَلِيلَ الْخَيْرِ كَثِيرٌ عِنْدَ اللَّهِ. وَقَالَ - تَعَالَى -: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» .
وَلَوْ بَعَثَ بِشَيْءٍ مَعَ غَيْرِهِ إلَى فَقِيرٍ فَلَمْ يَجِدْهُ اُسْتُحِبَّ لِلْبَاعِثِ أَنْ لَا يَعُودَ فِيهِ بَلْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.
وَتُسَنُّ الصَّدَقَةُ بِالْمَاءِ، لِخَبَرِ: «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: