فِي مَوْضِعٍ لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ، وَيُكْرَهُ فِي الْوَجْهِ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ يَحْرُمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَعْنُ فَاعِلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ سُنَّةٌ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQالذِّكْرُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْحَرْفُ الْكَبِيرُ كَكَافِ الزَّكَاةِ أَوْ صَادِ الصَّدَقَةِ، أَوْ جِيمِ الْجِزْيَةِ، أَوْ فَاءِ الْفَيْءِ، كَافٍ، وَيُكْتَبُ ذَلِكَ (فِي مَوْضِعٍ) ظَاهِرٍ صَلْبٍ (لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ) وَالْأَوْلَى فِي الْغَنَمِ آذَانُهَا وَفِي غَيْرِهَا أَفْخَاذُهَا، وَيَكُونُ اسْمُ الْغَنَمِ أَلْطَفَ مِنْ الْبَقَرِ، وَالْبَقَرِ أَلْطَفَ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْإِبِلِ أَلْطَفَ مِنْ الْفِيَلَةِ (وَيُكْرَهُ) الْوَسْمُ (فِي الْوَجْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ (قُلْتُ: الْأَصَحُّ يَحْرُمُ وَبِهِ جَزَمَ) الْإِمَامُ مُحْيِي السُّنَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ (وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمِ) بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُشَيْرِيِّ نَسَبًا النَّيْسَابُورِيِّ وَطَنًا، مَاتَ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ عَنْ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً (لَعْنُ فَاعِلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَشَارَ إلَى حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِحِمَارٍ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْأُمِّ قَالَ: وَالْخَبَرُ عِنْدَنَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، فَيَنْبَغِي رَفْعُ الْخِلَافِ وَحَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَوْ أَنَّ قَائِلَهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ.
أَمَّا الْآدَمِيُّ. فَوَسْمُهُ حَرَامٌ إجْمَاعًا، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: يَجُوزُ الْكَيُّ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَلَا، سَوَاءٌ نَفْسُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَجُوزُ خِصَاءُ مَا يُؤْكَلُ فِي صِغَرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ اللَّحْمَ وَيَحْرُمُ فِي الْكَبِيرِ، وَكَذَا خِصَاءُ مَا لَا يُؤْكَلُ، وَيَحْرُمُ التَّهْرِيشُ بَيْنَ الْبَهَائِمِ، وَيُكْرَهُ إنْزَاءُ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ، قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ وَعَكْسُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُ إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْبَقَرِ لِضَعْفِهَا وَتَضَرُّرِهَا بِكُبْرِ آلَةِ الْخَيْلِ.
ِ، وَهِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاق غَالِبًا (صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ سُنَّةٌ) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمِنْ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] وَمِنْ السُّنَّةِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَطْعَمَ جَائِعًا أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَمَنْ كَسَا مُؤْمِنًا عَارِيًّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
وَخُضْرُ الْجَنَّةِ بِإِسْكَانِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: ثِيَابُهَا الْخُضْرُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إلَّا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيَهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ» وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يُحَرِّمُهَا كَأَنْ يُعْلَمَ مِنْ آخِذِهَا أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ، وَقَدْ تَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ كَأَنْ وَجَدَ مُضْطَرًّا وَمَعَهُ مَا يُطْعِمُهُ