فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالًا فِي الْأَصَحِّ.

وَيُعْطَى غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ بِقَوْلِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِيَمِينٍ، وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْكَسْبِ وَحَالُهُ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ كَأَنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ شَيْخًا كَبِيرًا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، وَكَذَا يَصْدُقُ إنْ كَانَ قَوِيًّا جَلْدًا فِي الْأَصَحِّ (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ) أَيْ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً (مَالٌ) يَمْنَعُ مِنْ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ (وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ) بَيِّنَةً عَلَى تَلَفِهِ، وَهِيَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِسُهُولَتِهَا، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ تَلَفَهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ أَوْ خَفِيٍّ كَالْوَدِيعِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَالظَّاهِرُ التَّفْرِقَةُ كَالْوَدِيعَةِ اهـ. .

وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَاكَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُنَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّ هَذَا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ أَخْذِ مَنْ ادَّعَى ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَفِي هَذَا حَرَجٌ عَظِيمٌ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] .

تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِسْكِينٌ، أَوْ ابْنُ سَبِيلٍ قُبِلَ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) مَنْ طَلَبَ زَكَاةً (عِيَالًا) لَهُ لَا يَفِي كَسْبُهُ بِكِفَايَتِهِمْ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعِيَالِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمْ وَلِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ. قَالَ شَيْخُنَا: وَقَوْلُ السُّبْكِيّ تَفَقُّهًا: وَكَذَا مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ مِمَّنْ تَقْضِي الْمُرُوءَةُ بِقِيَامِهِ بِنَفَقَتِهِمْ مِمَّنْ يُمْكِنُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَغَيْرِهِ بَعِيدٍ.

(وَيُعْطَى غَازٍ) جَاءَ وَقْتَ خُرُوجِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَابْنُ سَبِيلٍ) كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَيْهِ (بِقَوْلِهِمَا) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا) مَعَ الرُّفْقَةِ وَإِنْ تَأَهَّبَا لِلْغَزْوِ وَالسَّفَرِ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ تَحْصُلْ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِلْقَدْرِ الَّذِي يَحْتَمِلُ تَأْخِيرَهُ، وَقَدَّرَهُ السَّرَخْسِيُّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّهَا تَقْرِيبٌ أَيْ فَيَحْتَمِلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ لِانْتِظَارِ الرُّفْقَةِ وَتَحْصِيلِ الْأُهْبَةِ وَنَحْوِهِمَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ مَاتَ الْغَازِي فِي الطَّرِيقِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْغَزْوِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ مَا بَقِيَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ جَمِيعُ مَا أَخَذَهُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرٌ فِي حَالَةِ مَوْتِهِ دُونَ امْتِنَاعِهِ.

تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَازِيَ وَابْنَ السَّبِيلِ إذَا خَرَجَا وَرَجَعَا وَفَضَلَ شَيْءٌ لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ يُسْتَرَدُّ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا الْغَازِي فَإِنْ غَزَا وَرَجَعَ وَبَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ صَالِحٌ وَلَمْ يُقَتِّرْ عَلَى نَفْسِهِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ ذَلِكَ فَقَطْ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْطَى فَوْقَ حَاجَتِهِ فَإِنْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يُقَتِّرْ وَالْبَاقِي يَسِيرٌ لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَخْتَصُّ الِاسْتِرْدَادُ بِهِمَا، بَلْ إذَا أَعْطَى الْمُكَاتَبُ ثُمَّ اسْتَغْنَى عَمَّا أَعْطَيْنَاهُ بِتَبَرُّعِ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ أَوْ إبْرَائِهِ عَنْ النُّجُومِ اُسْتُرِدَّ مَا قَبَضَهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْعِتْقِ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ يَحْصُلْ. قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَلَوْ سَلَّمَ بَعْضَ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَهُ بِالْمَقْبُوضِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015