وَهُوَ دُونَ سَهْمٍ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ.

وَمَحِلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ.

قُلْتُ: إنَّمَا يَرْضَخُ لِذِمِّيٍّ حَضَرَ بَلَا أُجْرَةٍ، وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْعَبْدِ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا، وَفِي قَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ «أُسْهِمَ وَحُمِلَ عَلَى الرَّضْخِ» وَالرَّضْخُ مُسْتَحَقٌّ، وَقِيلَ: مُسْتَحَبٌّ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ فِي الْحُضُورِ أَمْ لَا، وَالرَّضْخُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا كَانَ فِيهِمْ نَفْعٌ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ تَبَعًا لِنَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَتَعْبِيرُهُ بِالذِّمِّيِّ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْكُفَّارِ لَا يُرْضَخُ لَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ بِالذِّمِّيِّ إذَا حَضَرُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ، وَيَدُلُّ تَعْبِيرُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْكَافِرِ. قَالَ: وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ هُنَاكَ مُهَايَأَةٌ وَحَضَرَ فِي نَوْبَتِهِ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا رُضِخَ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخِي الْأَوَّلُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْوَجْهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ وَالْمُبَعَّضِ كَذَلِكَ، وَيُرْضَخُ أَيْضًا لِلْأَعْمَى إنْ حَضَرَ وَالزَّمِنِ وَفَاقِدِ أَطْرَافٍ، وَكَذَا تَاجِرٌ وَمُحْتَرِفٌ حَضَرَا وَلَمْ يُقَاتِلَا (وَهُوَ) أَيْ الرَّضْخُ لُغَةً الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ، وَشَرْعًا شَيْءٌ (دُونَ سَهْمٍ) لِرَاجِلٍ (يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ فَرَجَعَ إلَى رَأْيِهِ. وَيُفَاوِتُ عَلَى قَدْرِ نَفْعِ الْمُرْضَخِ لَهُ فَيُرَجَّحُ الْمُقَاتِلُ وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعَطْشَى عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّجَالَ بِخِلَافِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَالرَّضْخُ بِالِاجْتِهَادِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ، وَلَوْ كَانَ الرَّضْخُ لِفَارِسٍ، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسِّهَامِ فَنَقَصَ بِهِ عَنْ قَدْرِهَا كَالْحُكُومَةِ مَعَ الْأُرُوشِ الْمُقَدَّرَةِ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ وَإِنْ اسْتَحَقَّ السَّلَبَ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ.

(وَمَحِلُّهُ) أَيْ الرَّضْخُ (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ يُسْتَحَقُّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَالْمُؤَنِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمُ الْمَصَالِحِ.

(قُلْتُ: إنَّمَا يَرْضَخُ لِذِمِّيٍّ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ (حَضَرَ بَلَا أُجْرَةٍ، وَ) كَانَ حُضُورُهُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ الْأَمِيرِ وَبِلَا إكْرَاهٍ مِنْهُ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَا أَثَرَ لِإِذْنِ الْآحَادِ. وَالثَّانِي: فِيمَا إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ لَا يُرْضَخُ لَهُ. وَالثَّالِثُ: إنْ قَاتَلَ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ حَضَرَ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهَا جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ حُضُورِهِ بَدَلًا فَلَا يُقَابِلُ بِبَدَلٍ آخَرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِالْأُجْرَةِ سَهْمَ رَاجِلٍ.

تَنْبِيهٌ إنَّمَا قَالَ: بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ: بِإِجَارَةٍ لِيَشْمَلَ الْإِجَارَةَ وَالْجَعَالَةَ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ، فَإِنْ حَضَرَ بَلَا إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ فَلَا رَضْخَ لَهُ بَلْ يُوزِرُهُ الْإِمَامُ إنْ رَآهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْخُرُوجِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ سَهْمٍ وَرُضِخَ لِاسْتِهْلَاكِ عَمَلِهِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015