وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ يَشْتَرِطُهَا الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ نِكَايَةَ الْكُفَّارِ وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ، وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَاصِلِ عِنْدَهُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِمَّا يَتَجَدَّدُ فِيهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ خُمُسِ الْخُمُسِ وَالْمَصَالِحِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيُرَاعِيَ الْمَصْلَحَةَ (وَالنَّفَلُ) لُغَةً الزِّيَادَةُ، وَشَرْعًا (زِيَادَةٌ) عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ (يَشْتَرِطُهَا الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ نِكَايَةُ الْكُفَّارِ) زَائِدَةٌ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ بَقِيَّةُ الْجَيْشِ كَالتَّقَدُّمِ عَلَى طَلِيعَةٍ وَالتَّهَجُّمِ عَلَى قَلْعَةٍ وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهَا وَحِفْظِ مَكْمَنٍ، وَيَجُوزُ إفْرَادُ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَتَعَدُّدُهُ وَتَعْيِينُهُ وَعَدَمُ تَعْيِينِهِ كَمَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا. هَذَا أَحَدُ قِسْمَيْ النَّفَلِ، وَشَرْطُهُ أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَاقْتَضَى الْحَالُ بَعْثَ السَّرَايَا وَحِفْظَ الْمَكَامِنِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُنَفِّلَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ أَثَرٌ مَحْمُودٌ كَمُبَارَزَةٍ وَحُسْنِ إقْدَامٍ، وَهَذَا يُسَمَّى إنْعَامًا وَجَزَاءً عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ شُكْرًا، وَالْأَوَّلُ جَعَالَةٌ. وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ هَذَا بِمَا عِنْدَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ.
تَنْبِيهٌ قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ التَّنْفِيلَ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ إصَابَةِ الْمَغْنَمِ، وَهُوَ مَا قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. أَمَّا بَعْدَ إصَابَتِهِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ مَا أَصَابُوهُ (وَيَجْتَهِدُ) الشَّارِطُ (فِي قَدْرِهِ) بِحَسَبِ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَكَثْرَتِهِ وَقَدْ صَحَّ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ» ، وَالْبَدْأَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ السَّرِيَّةُ الَّتِي يَبْعَثُهَا الْإِمَامُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ مُقَدِّمَةً لَهُ، وَالرَّجْعَةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ السَّرِيَّةُ الَّتِي يَأْمُرُهَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْجَيْشِ لِدَارِنَا، وَإِنَّمَا نَقَصَ فِي الْبَدْأَةِ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرِيحُونَ إذْ لَمْ يَطُلْ بِهِمْ السَّفَرُ، وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي غَفْلَةٍ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْ وَرَائِهِمْ يَسْتَظْهِرُونَ بِهِ، وَالرَّجْعَةُ بِخِلَافِهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْبَدْأَةُ السَّرِيَّةُ الْأُولَى وَالرَّجْعَةُ الثَّانِيَةُ، وَيُقَالُ لِلرَّجْعَةِ: الْقُفُولُ بِضَمِّ الْقَافِ، وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالنَّقْصُ عَنْ الرُّبْعِ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ (وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا) أَيْ الْبَاقِي مِنْهَا بَعْدَ تَقْدِيمِ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ الْمُؤَنِ كَمَا سَبَقَ