الْمُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ، وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ.

وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ

وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ: مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرٍ، فَيَضْمَنُ.

وَقِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِيَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُودَعِ) بِفَتْحِهَا وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ (وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) وَبِعَزْلِ الْوَدِيعِ نَفْسَهُ، وَبِالْجُحُودِ الْمُضَمَّنِ، وَبِالْإِقْرَارِ بِهَا لِآخَرَ، وَبِنَقْلِ الْمَالِكِ الْمِلْكَ فِيهَا بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالْوَكَالَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ الرَّدُّ إلَى الْوَلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ، وَإِلَى الْوَارِثِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ لِزَوَالِ الِائْتِمَانِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَ فِي إجَارَتِهَا فَأَجَّرَهَا وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ عَادَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ (وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ) أَيْ لِلْمُودِعِ بِكَسْرِ الدَّالِ الِاسْتِرْدَادُ، وَلِلْمُودَعِ بِفَتْحِهَا الرَّدُّ (كُلَّ وَقْتٍ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْأَمْرَيْنِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ، وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَتَى شَاءَ، وَلِلْمُودَعِ الرَّدُّ كَذَلِكَ، فَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. أَمَّا الْمُودِعُ فَلِأَنَّهُ الْمَالِكُ، وَأَمَّا الْمُودَعُ فَلِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْحِفْظِ.

قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ الرَّدِّ لِلْمُودَعِ بِحَالَةٍ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا الْقَبُولُ، وَإِلَّا حَرُمَ الرَّدُّ، فَإِنْ كَانَ بِحَالَةٍ يُنْدَبُ فِيهِ الْقَبُولُ فَالرَّدُّ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمَالِكُ.

تَنْبِيهٌ: أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ ثُمَّ ثَنَّاهُ ثَانِيًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْأَمَانَةُ فَقَالَ: (وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ) أَيْ مَوْضُوعُهَا عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ الْأَمَانَةَ لَيْسَتْ فِيهَا تَبَعًا كَالرَّهْنِ بَلْ هِيَ مَقْصُودَةٌ فِيهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِجُعْلٍ أَمْ لَا كَالْوَكَالَةِ، وَلِأَنَّ الْمُودَعَ يَحْفَظُهَا لِلْمَالِكِ فَيَدُهُ كَيَدِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَرَغِبَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ،.

فَلَوْ أَوْدَعَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى فِيهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ قَالَ فِي الْكَافِي.

وَلَوْ أَوْدَعَهُ بَهِيمَةً وَأَذِنَ لَهُ فِي رُكُوبِهَا أَوْ ثَوْبًا وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهِ فَهُوَ إيدَاعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، فَلَوْ رَكِبَ أَوْ لَبِسَ صَارَتْ عَارِيَّةً فَاسِدَةً، فَإِذَا تَلِفَ قَبْلَ الرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي صَحِيحِ الْإِيدَاعِ، أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ كَمَا فِي صَحِيحِ الْعَارِيَّةِ.

(وَقَدْ تَصِيرُ) الْوَدِيعَةُ (مَضْمُونَةً) عَلَى الْوَدِيعِ بِالتَّقْصِيرِ فِيهَا، وَلَهُ أَسْبَابٌ عَبَّرَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ (بِعَوَارِضَ: مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ) وَلَوْ وَلَدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ أَوْ قَاضِيًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرٍ) لَهُ (فَيَضْمَنُ) لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَدِهِ. نَعَمْ اسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ مَا لَوْ طَالَتْ غَيْبَةُ الْمَالِكِ أَيْ وَتَضْجَرُ مِنْ الْحِفْظِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ فَأَوْدَعَهَا الْوَدِيعُ الْقَاضِيَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنَّفِ فَيَضْمَنُ أَيْ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، فَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لَا مُودَعٌ.

أَمَّا إذَا أَوْدَعَهَا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَفَرِ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا.

(وَقِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِيَ) الْأَمِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015