بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ.
وَهَلْ يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مَلَكَ بِالْمَوْتِ، وَإِلَّا بَانَ لِلْوَارِثِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ، وَعَلَيْهَا تُبْنَى الثَّمَرَةُ، وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ، وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوصِي (بَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَبَطَلَتْ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَبْلَ الْقَبُولِ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَهُ) قَبْلَ قَبُولِهِ وَرَدِّهِ (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) الْوَصِيَّةَ أَوْ يَرُدُّ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ فَقَامَ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ لَدَخَلَتْ صُورَةُ الرَّدِّ.
فَائِدَةٌ: لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ لَا يَفُوتُ بِمَوْتِ الْقَابِلِ إلَّا الْوَصِيَّةَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْصَى لِرَقِيقٍ شَخْصٌ ثُمَّ مَاتَ الرَّقِيقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ، فَإِنَّ سَيِّدَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْقَبُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ.
تَنْبِيهٌ شَمِلَ إطْلَاقُ الْوَارِثِ الْوَارِثَ الْخَاصَّ، وَالْوَارِثَ الْعَامَّ حَتَّى لَوْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ خَاصٍّ قَامَ الْإِمَامُ مَقَامَهُ، فَإِذَا قَبِلَ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّبِيلِيُّ وَإِذَا قَبِلَ وَارِثُهُ هَلْ يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَ مُورَثِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ كَدِيَتِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي مِنْهَا دُيُونَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا تَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً وَلَا يُخَالِفُ قَبُولُ الْمُوصَى لَهُ قَبُولَ وَارِثِهِ إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَلَدِهِ فَإِنَّهُ إذَا قَبِلَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَوَرِثَهُ، وَإِذَا قَبِلَ وَارِثُهُ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ إذْ لَوْ وَرِثَ لَاعْتُبِرَ قَبُولُهُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَحْكُمْ بِحُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَلْ هُوَ عَلَى الرِّقِّ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ فَلَا يَرِثُ.
أَمَّا إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ قَبُولِهِ فَقَدْ مَلَكَهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى وَارِثِهِ سَوَاءٌ أَقَبَضَهَا أَمْ لَا أَوْ بَعْدَ الرَّدِّ بَطَلَتْ بِرَدِّهِ.
(وَهَلْ يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) الْوَصِيَّةَ (بِمَوْتِ الْمُوصِي) كَالْإِرْثِ وَالتَّدْبِيرِ. وَلَكِنْ إنَّمَا تَسْتَقِرُّ بِالْقَبُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ (أَمْ بِقَبُولِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ كَالْبَيْعِ (أَمْ) مِلْكُ الْوَصِيَّةِ (مَوْقُوفٌ) وَبَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَبِلَ) الْمُوصَى لَهُ (بَانَ أَنَّهُ مَلَكَ) الْوَصِيَّةَ (بِالْمَوْتِ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْهَا (بَانَ) أَنَّهَا (لِلْوَارِثِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَا لِلْوَارِثِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ رَدُّهُ كَالْإِرْثِ فَتَعَيَّنَ وَقْفُهُ، فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبُولُ بَلْ لَهُ الرَّدُّ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ. فَإِنْ قِيلَ: يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّف بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ بِقَبُولِهِ؛ لِأَنَّ صِنَاعَةَ الْعَرَبِيَّةِ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا سُئِلَ بِهَلْ أَنْ يُؤْتَى بِأَوْ، لَا بِأَمْ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَسَمَّحَ كَالْفُقَهَاءِ بِوَضْعِ هَلْ مَوْضِعَ الْهَمْزَةِ فِي مَحَلٍّ يَكُونُ فِيهِ السُّؤَالُ عَنْ التَّعْيِينِ كَمَا هُنَا بِخِلَافِ هَلْ، فَإِنَّ السُّؤَالَ بِهَا فِي الْأَصْلِ عَنْ وُجُودِ أَحَدِ الْأَشْيَاءِ (وَعَلَيْهَا) أَيْ: الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ (تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ) مَثَلًا (حَصَلَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ وَنَفَقَتُهُ) وَكِسْوَتُهُ وَنَحْوهُمَا (وَفِطْرَتُهُ) بَيْنَهُمَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ لِلْمُوصَى لَهُ الْفَوَائِدُ وَعَلَيْهِ الْمُؤْنَةُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَا، وَلَوْ رَدَّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ وَعَلَيْهِ مَا ذُكِرَ، وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا وَلَا، وَعَلَى النَّفْيِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَتَعَلَّقُ مَا ذُكِرَ بِالْوَارِثِ، هَذَا كُلُّهُ فِي وَصِيَّةِ التَّمْلِيكِ.
أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِلْكُ فِيهِ