وَتَصِحُّ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، وَكَذَا مَعْلُومٌ فِي الْأَصَحِّ.
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ، مَعْلُومًا فَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أُرْضِيهِ فَسَدَ الْعَقْدُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي السِّيَرِ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْعَمَلُ، فَقَالَ (وَتَصِحُّ) الْجَعَالَةُ (عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) كَرَدِّ آبِقِي لِلْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ إذَا اُحْتُمِلَتْ فِي الْقَرْضِ لِحُصُولِ زِيَادَةٍ فَاحْتِمَالُهَا فِي رَدِّ الْحَاصِلِ أَوْلَى. فَإِنْ قِيلَ إنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ بِرَدِّ الْآبِقِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَأَطْلَقَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ صِحَّتَهَا عَلَى الْمَجْهُولِ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ بِمَا عَسُرَ عَمَلُهُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ سَهُلَ تَعَيَّنَ ضَبْطُهُ، إذْ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِ الْجَهَالَةِ فَفِي بِنَاءِ حَائِطٍ يُبَيِّنُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَوْضِعَهُ وَمَا يُبْنَى عَلَيْهِ، وَفِي الْخِيَاطَةِ يُعْتَبَرُ وَصْفُ الثَّوْبِ وَالْخِيَاطَةِ (وَكَذَا) كُلُّ عَمَلٍ (مَعْلُومٍ) يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ تَصِحُّ الْجَعَالَةُ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إذَا جَازَ مَعَ الْجَهَالَةِ فَمَعَ الْعِلْمِ أَوْلَى، وَالثَّانِي الْمَنْعُ اسْتِغْنَاءً بِالْإِجَارَةِ، وَسَوَاءٌ فِي الْعَمَلِ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ جَازَ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَمَلُ فَرْضَ كِفَايَةٍ.
تَنْبِيهٌ يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَلِ كَوْنُهُ فِيهِ كُلْفَةٌ، وَعَلَى هَذَا لَوْ سَمِعَ النِّدَاءَ مَنْ الْمَطْلُوبُ فِي يَدِهِ فَرَدَّهُ وَفِي الرَّدِّ كُلْفَةٌ كَالْآبِقِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِجِهَةٍ تُوجِبُ الرَّدَّ، كَالْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالرَّدِّ إنْ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ، وَلَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ مَنْ دَلَّ عَلَى مَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكِتَابِ، وَلَوْ جَعَلَ لِمَنْ أَخْبَرَهُ بِكَذَا جُعْلًا فَأَخْبَرَهُ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ، فَإِنْ تَعِبَ وَصَدَقَ فِي إخْبَارِهِ وَكَانَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ، وَهُوَ الْجُعْلُ، فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْجَعَالَةِ (كَوْنُ الْجُعْلِ) مَالًا (مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ عِوَضٌ كَالْأُجْرَةِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ، وَلَا حَاجَةَ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ (فَلَوْ) كَانَ مَجْهُولًا، كَأَنْ (قَالَ: مَنْ رَدَّهُ) أَيْ عَبْدِي مَثَلًا (فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أُرْضِيهِ) أَوْ نَحْوَهُ أَوْ كَانَ الْجُعْلُ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِجَهْلِ الْجُعْلِ أَوْ نَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى