كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ، أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِتَمَلُّكٍ، وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِلتَّمَلُّكِ، وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا كَشَاةٍ يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَرْيٍ (كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ) يَمْتَنِعُ بِسَبَبِ (طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ) وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَقُمْرِيٍّ وَيَمَامٍ (إنْ وُجِدَ) هَذَا الْحَيَوَانُ (بِمَفَازَةٍ) وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى الْقَلْبِ تَفَاؤُلًا بِالْفَوْزِ (فَلِلْقَاضِي) أَوْ مَنْصُوبِهِ (الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ) عَلَى مَالِكِهِ لَا لِلتَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ، وَكَانَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَظِيرَةٌ يَحْفَظُ فِيهَا الضَّوَالَّ. رَوَاهُ مَالِكٌ (وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ الْقَاضِي مِنْ الْآحَادِ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ فِي الْأُمِّ لِئَلَّا يَأْخُذَهُ خَائِنٌ، وَالثَّانِي لَا، إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ إذَا لَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ فَإِنْ عَرَفَهُ، وَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ كَانَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً جَزْمًا حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ أَخْذِ الْحَاكِمِ إذَا خَشِيَ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ. أَمَّا إذَا أُمِنَ عَلَيْهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ) أَيْ الْحَيَوَانِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْأَمْنِ (لِتَمَلُّكٍ) عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لِمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ «مَا لَكَ وَلَهَا دَعْهَا» ، وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهَا بِجَامِعِ إمْكَانِ رَعْيِهَا فِي الْبَرِّيَّةِ بِلَا رَاعٍ، فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ، وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ. أَمَّا زَمَنُ النَّهْبِ وَالْفَسَادِ، فَيَجُوزُ أَخْذُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي صَحْرَاءَ وَغَيْرِهَا.
تَنْبِيهٌ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا بِالْمَمْلُوكِ يُخْرِجُ صُوَرًا: مِنْهَا الْكَلْبُ. وَمِنْهَا الْهَدْيُ. وَمِنْهَا الْمَوْقُوفُ. وَمِنْهَا الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَوْ بَلْدَةٍ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِلتَّمَلُّكِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ، فَإِنَّ طُرُوقَهَا لَا يَعُمُّ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ سِيَاقَهُ يَقْتَضِي الْمَفَازَةَ بِدَلِيلِ «دَعْهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ» .
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِالْتِقَاطِ لِلتَّمَلُّكِ صُوَرٌ: مِنْهَا لُقَطَةُ الْحَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي. وَمِنْهَا الْجَارِيَةُ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِرَاضُهَا (وَمَا) أَيْ وَالْحَيَوَانُ الَّذِي (لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ صِغَارِ السِّبَاعِ (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ وَكَسَيْرِ خَيْلٍ وَإِبِلٍ (يَجُوزُ) لِقَاضٍ وَغَيْرِهِ (الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) صَوْنًا لَهُ عَنْ