وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخُنَا: تَقْيِيدُهُ فِي تَفْوِيضِ التَّدْرِيسِ بِمَا إذَا كَانَتْ جُنْحَةً، وَلَوْ عَزَلَ النَّاظِرُ بِالشَّرْطِ نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ فَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى الْوَاقِفِ، إذْ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ النَّظَرَ فِي حَالِ الْوَقْفِ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ شَرَطَ النَّظَرَ حَالَ الْوَقْفِ لِزَيْدٍ بَعْدَ انْتِقَالِ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو إلَى الْفُقَرَاءِ، فَعَزَلَ زَيْدٌ نَفْسَهُ مِنْ النَّظَرِ، أَوْ اسْتَنَابَ فِيهِ غَيْرَهُ قَبْلَ انْتِقَالِ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو إلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ الْعَزْلُ وَلَا الِاسْتِنَابَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَاظِرٍ فِي الْحَالِ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَاقِفُ عَزْلَ زَيْدٍ فِي الْحَالِ وَلَا مَنْ بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ) الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى غَيْرِهِ مُدَّةً بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ) عَلَيْهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ الْوَلِيُّ مَالَ الطِّفْلِ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الْقِيَمُ بِالْأَسْوَاقِ، أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ. وَالثَّانِي: يَنْفَسِخُ إذَا كَانَ لِلزِّيَادَةِ وَقْعٌ وَالطَّالِبُ ثِقَةٌ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ.
أَمَّا إذَا أَجَّرَ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَطْعًا وَلَوْ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْمُطْلَقُ بِهِ أَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْمَوْقُوفَ عَلَى غَيْرِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ، ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْأَحْوَالُ وَطَرَأَتْ أَسْبَابٌ تُوجِبُ زِيَادَةَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، وَيَتَبَيَّنُ خَطَأُ الشَّاهِدَيْنِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَ الْمَنَافِعِ فِي مُدَّةٍ مُمْتَدَّةٍ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا اسْتَمَرَّ الْحَالُ الْمَوْجُودَةُ حَالَةَ التَّقْوِيمِ الَّتِي هِيَ حَالَةُ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّقْوِيمُ كَتَقْوِيمِ السِّلْعَةِ الْحَاضِرَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا، وَاَلَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا الرَّغَبَاتُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَسَاهُ يَتَجَدَّدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ وَالزَّهَادَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَا تَبْقَى عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَطَالَ فِي رَدِّ ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا خَفَاءَ فِيهِ.
خَاتِمَةٌ نَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ، فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ فَالنَّفَقَةُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ لَا الْعِمَارَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ، وَجُهِلَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ أَوْ الْمَقَادِيرِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ سَوَّى الْوَاقِفُ بَيْنَهُمْ أَوْ فَاضَلَ، قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِذَا تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ وَلَا بَيِّنَةَ، وَلِأَحَدِهِمْ يَدٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ