فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُنْزِلُ الْفُقَهَاءَ وَيُقَرِّرُ جَامِكِيَّاتِهِمْ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إلَّا تَحْصِيلُ الرِّيعِ وَقَسْمُهُ عَلَى الْمُنْزَلِينَ، وَهَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ، وَالنَّاظِرُ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَاقِفِ، فَإِنَّهُ قَدْ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يُقَالُ: بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يُقَالُ النَّاظِرُ يُوَلِّي الْمُدَرِّسَ وَهُوَ يُنْزِلُ الطَّلَبَةَ فَالْمُدَرِّسُ فَرْعُ النَّاظِرِ فَكَيْفَ يُقَدَّمُ الْفَرْعُ عَلَى الْأَصْلِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ) اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ كَالْوَكِيلِ.
؛ 1
وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا مِنْ الرِّيعِ جَازَ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ أُجْرَةً فَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْغَسَّالِ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ رَفَعَ النَّاظِرُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا إذَا تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً.
وَلَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ صَرْفَ الرِّيعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنْ كَانُوا مُعَيَّنِينَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَلَهُمْ مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهَلْ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: حَكَاهُمَا شُرَيْحٌ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ، أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ، وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْفَاقُهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْعَادَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ الصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ، بِخِلَافِ إنْفَاقِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ.
وَلَوْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لِعَدْلَيْنِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا عَدْلٌ نَصَّبَ الْحَاكِمُ آخَرَ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَالْأَرْشَدُ، فَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ الْأَرْشَدُ اشْتَرَكُوا فِي النَّظَرِ بِلَا اسْتِقْلَالٍ إنْ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَدِيَّةَ قَدْ سَقَطَتْ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ فِيهَا وَبَقِيَ أَصْلُ الرُّشْدِ، وَإِنْ وُجِدَتْ الْأَرْشَدِيَّةُ فِي بَعْضٍ مِنْهُمْ اُخْتُصَّ بِالنَّظَرِ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ، وَيَدْخُلُ فِي الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الْأَرْشَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِصِدْقِهِ بِهِ.
وَلَوْ قَالَ الْوَاقِفُ: جَعَلْت النَّظَرَ لِفُلَانٍ، وَلَهُ أَنْ يُفَوِّضَ النَّظَرَ إلَى مَنْ أَرَادَ فَفَوَّضَ النَّظَرَ إلَى شَخْصٍ فَهَلْ يَزُولُ نَظَرُ الْمُفَوِّضِ، أَوْ يَكُونُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَكِيلًا عَنْ الْمُفَوِّضِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُفَوِّضُ هَلْ يَبْقَى النَّظَرُ لِلْمُفَوَّضِ إلَيْهِ، أَوْ مَاتَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ هَلْ يَعُودُ لِلْمُفَوِّضِ أَوْ لَا؟ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ مَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِإِنْسَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَ إلَى مَنْ شَاءَ، وَكَذَلِكَ سَنَدٌ بَعْدَ سَنَدٍ فَأَسْنَدَ إلَى إنْسَانٍ فَهَلْ لِلْمُسْنِدِ عَزْلُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ أَوْ لَا