وَلَوْ رَدَّ بَطَلَ حَقُّهُ شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا.
وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا سَنَةً فَبَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ وَلَمْ يَزِدْ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْقَبُولِ الْقَبْضُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَشَذَّ الْجُورِيُّ فَحَكَى قَوْلَيْنِ فِي اشْتِرَاطِهِ فِي الْمُعَيَّنِ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْوَقْفَ مِنْ الْوَاقِفِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ وَإِنْ شَرَطْنَا قَبُولَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَجَرَى عَلَى هَذَا ابْنُ الْمُقْرِي، وَعَلَى هَذَا فَإِنْ رَدُّوا فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ أَوْ رُدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ كَالْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ. أَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ جَزْمًا لِتَعَذُّرِهِ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يُجْعَل الْحَاكِمُ نَائِبًا فِي الْقَبُولِ كَمَا جُعِلَ نَائِبًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشِرٍ فَلِذَلِكَ جُعِلَ نَائِبًا فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا قَبُولَ نَاظِرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُهِبَ لِلْمَسْجِدِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ نَاظِرِهِ وَقَبْضِهِ كَمَا لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِصَبِيٍّ، وَقَوْلُهُ جَعَلْته لِلْمَسْجِدِ كِنَايَةُ تَمْلِيكٍ لَا وَقْفٍ، فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ النَّاظِرِ وَقَبْضُهُ كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ رَدَّ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ (بَطَلَ حَقُّهُ) سَوَاءٌ (شَرَطْنَا الْقَبُولَ) مِنْ الْمُعَيَّنِ (أَمْ لَا) كَالْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ: يَعُودُ لَهُ إنْ رَجَعَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ لِغَيْرِهِ، مَرْدُودٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَارِثِهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَتِهِ شَيْئًا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِرَدِّهِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْوَصَايَا عَنْ الْإِمَامِ.
تَنْبِيهٌ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ التَّأْبِيدُ كَالْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْقَرِضْ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى مَنْ يَنْقَرِضُ. ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَنْقَرِضُ كَزَيْدٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ فَلَا يَصِحُّ تَأْقِيتُ الْوَقْفِ كَمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت هَذَا) عَلَى كَذَا (سَنَةً) مَثَلًا (فَبَاطِلٌ) هَذَا الْوَقْفُ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ. فَإِنْ أَعْقَبَهُ بِمَصْرِفٍ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ، وَرُوعِيَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْخُوَارِزْمِيِّ.
تَنْبِيهٌ مَا ذَكَرَ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ. أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالرِّبَاطِ كَقَوْلِهِ: جَعَلْته مَسْجِدًا سَنَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا، قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ: أَيْ وَهُوَ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ (وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَدُومُ (وَلَمْ يَزِدْ) عَلَى ذَلِكَ مَنْ صُرِفَ إلَيْهِ بَعْدَهُمْ (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ