. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ، لِيَأْتِيَ فِيهِ سَائِرُ أَحْكَامِ التَّحَجُّرِ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى هُنَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَا أَقْطَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ بِإِحْيَائِهِ، قِيَاسًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا حَمَاهُ. أَمَّا إذَا أَقْطَعَهُ لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ؛ فَيَمْلِكُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الرِّكَازِ. وَالْأَصْلُ فِي الْإِقْطَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ» وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ» .
تَنْبِيهٌ هَلْ يَلْحَقُ الْمُنْدَرِسُ الضَّائِعَ بِالْمَوَاتِ فِي جَوَازِ الْإِقْطَاعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي الْبَحْرِ: نَعَمْ، بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ، أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِذَاكَ.
وَأَمَّا إقْطَاعُ الْعَامِرِ فَعَلَى قِسْمَيْنِ: إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ، وَإِقْطَاعُ اسْتِغْلَالٍ، وَالْأَوَّلُ أَنْ يُقْطِعَ الْإِمَامُ مِلْكًا أَحْيَاهُ بِالْأُجَرَاءِ وَالْوُكَلَاءِ، أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ وَكِيلُهُ فِي الذِّمَّةِ فَيَمْلِكُهُ الْمُقْطَعُ بِالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ، إنْ أُبِّدَ أَوْ أُقِّتَ بِعُمْرِ الْمُقْطَعِ، وَهُوَ الْعُمْرَى، وَيُسَمَّى مَعَاشًا، وَالْأَمْلَاكُ الْمُتَخَلِّفَةُ عَنْ السَّلَاطِينِ الْمَاضِيَةِ بِالْمَوْتِ وَالْقَتْلِ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ، بَلْ لِوَرَثَتِهِمْ إنْ تَبَيَّنُوا، وَإِلَّا فَكَالْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، وَلَا يَجُوزُ إقْطَاعُ أَرَاضِي الْفَيْءِ تَمْلِيكًا، وَلَا إقْطَاعُ الْأَرَاضِي الَّتِي اصْطَفَاهَا الْأَئِمَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ مِنْ فُتُوحِ الْبِلَادِ: إمَّا بِحَقِّ الْخُمْسِ، وَإِمَّا بِاسْتِطَابَةِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ، وَلَا إقْطَاعُ أَرَاضِي الْخَرَاجِ صُلْحًا.
وَفِي إقْطَاعِ أَرَاضِي مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَجْهَانِ: الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ، وَيَجُوزُ إقْطَاعُ الْكُلِّ مَعَاشًا.
الثَّانِي: أَنْ يُقْطِعَ غَلَّةَ أَرَاضِي الْخَرَاجِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا أَحْسِبُ فِي جَوَازِ الْإِقْطَاعِ لِلِاسْتِغْلَالِ خِلَافًا إذَا وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجْدَةِ قَدْرًا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُجَازَفَةٍ اهـ. أَيْ فَيَمْلِكُهَا الْمُقْطَعُ لَهُ بِالْقَبْضِ، وَيَخْتَصُّ بِهَا مَنْ قِبَلُهُ، فَإِنْ أَقْطَعَهَا مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ بَطَلَ، وَكَذَا مِنْ أَهْلِ الْمَصَالِحِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ شَيْئًا، لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ قَدْ وَجَبَ بِسَبَبِ اسْتِبَاحَتِهِ كَالتَّأْذِينِ وَالْإِمَامَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَّ الْمَالُ وَوَجَبَ لِتَصِحَّ الْحَوَالَةُ بِهِ، وَيَخْرُجُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْطَاعِ.
وَإِنْ أَقْطَعَهَا مِنْ الْقُضَاةِ أَوْ كُتَّابِ الدَّوَاوِينِ جَازَ سَنَةً وَاحِدَةً، وَهَلْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ إنْ كَانَ جِزْيَةً، وَالْجَوَازُ إنْ كَانَ أُجْرَةً، وَيَجُوزُ إقْطَاعُ الْجُنْدِيِّ مِنْ أَرْضٍ عَامِرَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ بِحَيْثُ تَكُونُ مَنَافِعُهَا لَهُ مَا لَمْ يَنْزِعْهَا الْإِمَامُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهَا أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: مَا يَحْصُلُ لِلْجُنْدِيِّ مِنْ الْفَلَّاحِ مِنْ مَغَلٍ وَغَيْرِهِ فَحَلَالٌ بِطَرِيقِهِ، وَمَا يُعْتَادُ أَخْذُهُ مِنْ رُسُومٍ وَمَظَالِمَ فَحَرَامٌ، وَالْمُقَاسَمَةُ مَعَ الْفَلَّاحِ، حَيْثُ الْبَذْرُ مِنْهُ، مَنَعَهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْفَلَّاحِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ،