وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ، وَقِيلَ لَا يَكْفِي الْوَصْفُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسُّبْكِيُّ: لَا بُدَّ فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ زِيَادَةِ مَا شِئْت فَيَقُولُ: إنْ شِئْت فَازْرَعْ مَا شِئْت أَوْ اغْرِسْ مَا شِئْت، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا ذَكَرَ عَادَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ تَعْيِينِ مَا يَزْرَعُ. اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلَوْ قَالَ: أَجَرْتُكَهَا لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ فَازْرَعْ وَاغْرِسْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْقَدْرَ، أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا وَتَغْرِسَ نِصْفًا، وَلَمْ يَخُصَّ كُلَّ نِصْفٍ بِنَوْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِي الثَّلَاثَةِ لِلْإِبْهَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، حَتَّى لَوْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ أَيَّهُمَا شَاءَ صَحَّ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّقْرِيبِ فَتَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يَزْرَعُ وَكَمْ يَغْرِسُ؟ وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَغْرُوسَ وَالْمَزْرُوعَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ بِعْتُك أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ) إجَارَةِ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ (مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَتِهِ) لَهُ (أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ) لِجُثَّتِهِ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ.
تَنْبِيهٌ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُرَادَ بِالْوَصْفِ التَّامِّ، فَقِيلَ بِأَنْ يَصِفَهُ بِالضَّخَامَةِ أَوْ الثَّخَانَةِ لِيَعْرِفَ وَزْنَهُ تَخْمِينًا، وَقِيلَ: يَصِفُهُ بِالْوَزْنِ وَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا، وَالْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ كَمَا رَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ، (وَقِيلَ: لَا يَكْفِي الْوَصْفُ) فِيهِ وَتَتَعَيَّنُ الْمُشَاهَدَةُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (وَغَيْرِهِ) مِنْ نَحْوِ زَامِلَةٍ (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي، وَذُكِرَ فِي الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَطَّرِدْ فِيهِ عُرْفٌ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ وَصْفِهِ التَّامِّ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ عَمَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ مُجَرَّدًا لَيْسَ لَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ وَيُرْكِبُهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ نَحْوِ سَرْجٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ، فَإِنْ اطَّرَدَ فِيهِ عُرْفٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ يَطْلُبُ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ الْأَصَحَّ فِي السَّرْجِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ.
تَنْبِيهٌ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَخْتَصُّ بِمَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ نَحْوُ زَامِلَةٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فَلَا وَجْهَ لِإِهْمَالِ الْمُصَنِّفِ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْوِطَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يُفْرَشُ فِي الْمَحْمِلِ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوْ وَصْفُهُ، وَالْغِطَاءُ الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِهِ وَيَتَوَقَّى بِهِ مِنْ الْمَطَرِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ فَيَحْتَاجُ إلَى شَرْطِهِ، وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ أَوْ وَصْفُهُ إلَّا إذَا اطَّرَدَ بِهِ عُرْفٌ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوِطَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ