وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، فَلَوْ أَجَّرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَائِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبُوَيْطِيِّ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي السَّلَمِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَوَّلَ شَهْرِ رَمَضَانَ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ. فَلَوْ مَثَّلَ كَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِغُرَّةِ شَهْرِ كَذَا لَكَانَ أَوْلَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِالْأَوَّلِ الْمُسْتَهِلَّ فَيَكُونُ مُسَاوِيًا لِلتَّمْثِيلِ بِالْغُرَّةِ.

(وَلَا يَجُوزُ) ؛ وَلَا يَصِحُّ (إجَارَةِ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) ، كَإِجَارَةِ الدَّارِ السَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ أَوْ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ الْغَدِ. وَاحْتُرِزَ بِالْعَيْنِ عَنْ إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ.

فَإِنْ قِيلَ: يَرُدُّ عَلَى الْكِتَابِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ لَا يُعْمَلُ إلَّا بِالنَّهَارِ وَعَقَدَ الْإِجَارَةَ لَيْلًا وَأُطْلَقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْحَالُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْعَمَلِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فِي وَقْتٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْمُبَادَرَةُ فِيهِ إلَى زِرَاعَتِهَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي لَفْظِ الْعَقْدِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ مَسْأَلَتَيْنِ: أَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: (فَلَوْ أَجَّرَ) الْمَالِكُ (السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَائِهَا جَازَ) ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَ مِنْهُ السَّنَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ قَدْ يَنْفَسِخُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاتِّصَالُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ ظُهُورُهُ فَلَا يَقْدَحُ عُرُوضُ الِانْفِسَاخِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا لِغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا عَمَّا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا سَنَةً، فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ أَجَّرْتُكَهَا سَنَةً أُخْرَى، فَإِنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِمُسْتَحِقِّ مَنْفَعَةِ السَّنَةِ الْأُولَى لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ صُورَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ

إحْدَاهُمَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةً يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً ثَانِيَةً قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا.

الثَّانِيَةُ الْمُعْتَدَّةُ بِالْأَشْهُرِ الْمُسْتَحِقَّةِ لِلسُّكْنَى بِدَارٍ تَصِحُّ إجَارَتُهَا لَهَا قَبْلَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ الدَّارُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِلْمَنْفَعَةِ، لَا مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَنْفَعَةِ، خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ تَرْجِيحِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَيَجُوزُ لِمُشْتَرِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرَةِ مِنْ الْبَائِعِ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى لِاتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْوَارِثُ مَا أَجَّرَهُ مُوَرِّثُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ لِمَا مَرَّ. هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الثَّانِيَةُ قَطْعًا، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمُطْلَقَ وَالْوَقْفَ إلَّا إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015