وَلَا حَائِضٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ، وَكَذَا مَنْكُوحَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَاهَا كُلُّ عُضْوٍ سَلِيمٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ قِصَاصٍ. أَمَّا الْعَلِيلَةُ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِقَلْعِهَا إنْ صَعُبَ الْأَلَمُ، وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ قَلْعَهَا يُزِيلُ الْأَلَمَ. وَأَمَّا الْمُسْتَحِقُّ قَلْعَهَا فِي قِصَاصٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ فِي الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ جَائِزٌ، وَفِي الْبَيَانِ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ إذَا لَمْ يَنْصِبْ الْإِمَامُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَرْزُقُهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، وَلَوْ كَانَ السِّنُّ صَحِيحًا وَلَكِنْ انْصَبَّ تَحْتَهُ مَادَّةٌ مِنْ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا تَزُولُ الْمَادَّةُ إلَّا بِقَلْعِهَا فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازُ الْقَلْعِ لِلضَّرُورَةِ، وَالْيَدُ الْمُتَأَكِّلَةُ كَالسِّنِّ الْوَجِعَةِ، وَكَذَا الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْبَيَّاعِ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَصْدَ وَنَحْوَهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ فَبَرِئَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ. فَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ وَمَنَعَهُ مِنْ قَلْعِهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَمُضِيِّ مُدَّةِ إمْكَانِ الْعَمَلِ، لَكِنَّهَا تَكُونُ غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ، حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ رَدَّ الْأُجْرَةَ كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ فَارَقَ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ.
تَنْبِيهٌ: كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَأَجَرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلٍ تَعْمَلُهُ تَظُنُّ فَرَاغَهَا مِنْهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا (وَ) لَا اسْتِئْجَارُ مُسْلِمَةٍ (حَائِضٍ) أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ مُسْتَحَاضَةٍ إجَارَةِ عَيْنٍ (لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) ، وَإِنْ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ، وَجَوَّزْنَا الْعُبُورَ لِاقْتِضَاءِ الْخِدْمَةِ الْمُكْثَ أَوْ التَّرَدُّدَ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ. أَمَّا الْكَافِرَةُ إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَمْكِينِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنَ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ لِكَنْسِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، فَلَوْ دَخَلَتْ وَكَنَسَتْ عَصَتْ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً، وَفِي مَعْنَى خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ، وَفِي مَعْنَى الْحَائِضِ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ إذَا لَمْ يَأْمَنْ التَّلْوِيثَ. وَأَمَّا إجَارَةُ مَنْ ذُكِرَ فِي الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ، وَلَا اسْتِئْجَارٌ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالسِّحْرِ وَالْفُحْشِ وَالنُّجُومِ وَالرَّمْلِ، وَلَا لِخِتَانِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ، وَلَا لِخِتَانِ الْكَبِيرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا لِتَثْقِيبِ الْأُذُنِ وَلَوْ لِأُنْثَى وَلَا لِلزَّمْرِ وَالنِّيَاحَةِ وَحَمْلِ الْخَمْرِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ لَا لِلْإِرَاقَةِ، وَلَا لِتَصْوِيرِ الْحَيَوَانَاتِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَجَعَلَ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْغِنَاءَ، وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَبَيْعِ الْمَيْتَةِ. أَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْخَمْرِ لِلْإِرَاقَةِ أَوْ حَمْلِ الْمُحْتَرَمَةِ فَجَائِزٌ كَنَقْلِ الْمَيْتَةِ إلَى الْمَزْبَلَةِ، وَكَمَا يَحْرُمُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُحَرَّمِ يَحْرُمُ إعْطَاؤُهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَكِّ الْأَسِيرِ، وَإِعْطَاءِ الشَّاعِرِ لِئَلَّا يَهْجُوَهُ، وَالظَّالِمِ لِيَدْفَعَ ظُلْمَهُ، وَالْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِالْحَقِّ، فَلَا يَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ عَلَيْهَا، (وَكَذَا) حُرَّةٌ (مَنْكُوحَةٌ) لِغَيْرِ