وَالصِّيغَةُ آجَرْتُك هَذَا أَوْ أَكْرَيْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُك مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا فَيَقُولُ: قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت أَوْ اكْتَرَيْت،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُهَذَّبِ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَبَائِعٍ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَكُونُ مُؤَجِّرًا وَإِنْ جَازَ لَهُ إجَارَةُ نَفْسِهِ.
تَنْبِيهٌ يُرَدُّ عَلَى طَرْدِهِ السَّفِيهَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إجَارَةُ نَفْسِهِ فِيمَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مِنْ عَمَلِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَلَى غَيْرِهِ بِالْعَمَلِ؛ فَأَوْلَى بِعِوَضٍ، بِخِلَافِ الْمَقْصُودِ مِنْ عَمَلِ مِثْلِهِ، وَيُرَدُّ عَلَى عَكْسِهِ مَا لَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ. وَالشَّرِيكَانِ فِي الْعَقَارِ إذَا تَنَازَعَا الْمُهَايَأَةَ أَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا، وَيُرْجَعُ فِي الْمُدَّةِ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي، فَقَالَ: (وَالصِّيغَةُ) نَحْوُ قَوْلِ الْمُؤَجِّرِ (آجَرْتُك هَذَا) الثَّوْبَ مَثَلًا، (وَأَكْرَيْتُكَ) إيَّاهُ، (أَوْ مَلَّكْتُك مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ كَمَا سَيَأْتِي (فَيَقُولُ) : الْمُسْتَأْجِرُ - فَوْرًا - (قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت أَوْ اكْتَرَيْت) أَوْ اسْتَكْرَيْتُ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ مُبْتَدَأٌ لَا مَعْطُوفٌ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: آجَرْتُك هَذَا إلَخْ، وَمَعْنَى آجَرْتُك سَنَةً: أَيْ مَنَافِعَ سَنَةٍ، وَلَا يَجُوزُ كَوْنُ سَنَةٍ ظَرْفًا: أَيْ مَفْعُولًا فِيهِ لَآجَرْتُكَ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ زَمَنُهُ يَسِيرٌ، بَلْ الْمَعْنَى آجَرْتُكَ وَاسْتَمِرَّ أَنْتَ عَلَى ذَلِكَ سَنَةً، كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] إنَّ الْمَعْنَى فَأَمَاتَهُ اللَّهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ مِائَةَ عَامٍ، وَإِلَّا فَزَمَنُ الْإِمَاتَةِ يَسِيرٌ. وَأَمَّا نَحْوُ أَجَرْتُك الدَّارَ سَنَةً، فَالدَّارُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَسَنَةً ظَرْفٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَأْخُوذٍ مِنْ أَجَرْتُك: أَيْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا سَنَةً، وَلَا يَجُوزُ كَوْنُ سَنَةً مَفْعُولًا؛ لِأَنَّ أَجَرَ لَا يَتَعَدَّى إلَى ثَلَاثَةِ مَفَاعِيلَ، وَوَزْنُ آجَرَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَاعَلَ كَضَارَبَ لَا أَفْعَلَ كَأَكْرَمَ، وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْقَابِلِ، وَلَوْ بِقَبِلْت كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْبَيْعِ وَبِالْكِتَابَةِ وَبِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ، وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ وَبِالْكِنَايَةِ كَالْبَيْعِ، وَمِنْ الْكِنَايَاتِ هُنَا اُسْكُنْ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا، أَوْ جَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهَا بِكَذَا، وَالْخِلَافُ فِي الْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ جَارٍ هُنَا، وَفِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَآخَرِينَ، قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَلَا أَدْرِي هَلْ يَخْتَارُ النَّوَوِيُّ صِحَّةَ الْمُعَاطَاةِ فِيهَا، كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ لَا؟ وَالْأَظْهَرُ لَا، فَإِنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ مَقْصُودَ الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ، وَهِيَ مَوْرِدُ الْعَقْدِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ إذْ لَوْ كَانَ