وَلَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَهُ لِتَعْلِفهُ أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ فَهُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.
وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.
فَإِنْ تَلِفَتْ لَا بِاسْتِعْمَالٍ ضَمِنَهَا، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَفْهُومِ الْإِشَارَةِ وَاسْتِعَارَتِهِ بِهَا وَبِكِتَابَتِهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ جَوَازُهَا بِالْمُكَاتَبَةِ مِنْ النَّاطِقِ كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى بِالْمُرَاسَلَةِ.
فَرْعٌ يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْإِعَارَةِ وَتَأْخِيرُ الْقَبُولِ، فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، أَنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ أَرْضًا وَأَذِنَ لَهُ فِي غِرَاسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَهِيَ بَعْدَ الشَّهْرِ عَارِيَّةٌ غَرَسَ أَمْ لَا، وَقَبْلَهُ أَمَانَةٌ حَتَّى لَوْ غَرَسَ قَبْلَهُ قَلَعَ (وَلَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَهُ) أَيْ فَرَسِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) أَوْ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهُ بِعَلَفِك (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ) أَوْ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا (فَهُوَ إجَارَةٌ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى (فَاسِدَةٌ) لِجَهَالَةِ الْعَلَفِ فِي الْأُولَى وَالْعِوَضِ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُدَّةُ فِي الثَّالِثَةِ (تُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) إذَا مَضَى بَعْدَ قَبْضِهِ زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ عَارِيَّةٌ فَاسِدَةٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ فَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ، وَأَمَّا الْعَيْنُ فَمَضْمُونَةٌ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَهَذَا عِنْدَ جَهْلِ الْعِوَضَيْنِ كَمَا فَرَضَهُ الْمُصَنِّف. أَمَّا لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَهَا شَهْرًا مِنْ الْآنَ بِعَشْرَةٍ، أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ سَنَةً مِنْ الْآنَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَالثَّانِي إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ، وَأَصَحُّهُمَا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ الْأَوَّلُ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُسْتَعَارِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَلْ عَلَى الْمَالِكِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ شَرْطُهُ مُفْسِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.
(وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَارِيَّةِ إذَا كَانَ لَهَا مُؤْنَةٌ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَأَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ، هَذَا إنْ رَدَّ عَلَى مَنْ اسْتَعَارَ مِنْهُ، فَلَوْ اسْتَعَارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَرَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الرَّدُّ عِنْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ إلَّا إذَا حُجِرَ عَلَى الْمَالِكِ الْمُعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الرَّدُّ إلَيْهِ بَلْ إلَى وَلِيِّهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ مُصْحَفًا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَطَلَبَهُ لَمْ يَجُزْ الرَّدُّ إلَيْهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْعَارِيَّةِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ الضَّمَانُ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُسْتَعَارَةُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ (لَا بِاسْتِعْمَالٍ) لَهَا مَأْذُونٍ فِيهِ (ضَمِنَهَا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْبَابِ، «بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» ؛ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ، فَيَضْمَنُ