فَصْلٌ أَقَرَّ بِنَسَبٍ إنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَظَائِرِهِمَا، وَلَوْ أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ دَخَلَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إقْرَارٌ. اهـ.
وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا نَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ عَنْ النَّصِّ كَمَا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُ دَارِهِ وَلَوْ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَقَالَ: أَرَدْتُ دَارَةَ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غَصْبَ ذَلِكَ مُحَالٌ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا لِأَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي لِعَجْزِهِ عَنْ الْفَسْخِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَا يَلْبَسُهُ حَتَّى الْفَرْوَةُ لَا الْخُفُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الثِّيَابِ.
ِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَجَمْعُهُ أَنْسَابٌ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنْ يُلْحِقَ النَّسَبَ بِنَفْسِهِ.
وَالثَّانِي بِغَيْرِهِ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ: لَوْ (أَقَرَّ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الذَّكَرُ، وَلَوْ عَبْدًا وَكَافِرًا وَسَفِيهًا (بِنَسَبٍ) لِغَيْرِهِ (إنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ) كَهَذَا ابْنِي أَوْ أَنَا أَبُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِكَوْنِ الْإِضَافَةِ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ هَذَا الْإِلْحَاقِ أُمُورٌ: أَحَدُهَا (أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ) بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مِنْهُ، أَوْ كَانَ قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مِنْ زَمَنٍ يَتَقَدَّمُ عَلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ بِهِ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ الْحِسَّ يُكَذِّبُهُ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسَبِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِتْقِ فَسَيَأْتِي، وَلَوْ قَدِمَتْ كَافِرَةٌ بِطِفْلٍ وَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا أَوْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ لَحِقَهُ، وَإِلَّا فَلَا (وَ) ثَانِيهَا أَنْ (لَا) يُكَذِّبَهُ (الشَّرْعُ) وَتَكْذِيبُهُ (بِأَنْ يَكُونَ) الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ (مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ) أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ الثَّابِتَ مِنْ شَخْصٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ أَمْ لَا.
(وَ) ثَانِيهَا: (أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.