وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ الْبَائِعُ وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي إنْ كَانَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا كَاذِبٌ فِي حُرِّيَّتِهِ، فَكُلُّ الْكَسْبِ لَهُ، أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إرْثًا بِالْوَلَاءِ، وَقَدْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ، وَتَعَذُّرِ اسْتِرْدَادِهِ، وَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِهِ.
أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا، فَلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مَا يَخُصُّهُ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرِثُ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ، كَأَنْ كَانَ أَخًا لِلْعَبْدِ لَمْ يَرِثْ بَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ، إنْ كَانَ سَلَّمَهُ لَهُ، وَلَا يُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِهِ، إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرِّيَّةَ فِي زَعْمِهِ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَعِتْقُهُ وَقَعَ قَبْضًا، وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ حُرٌّ وَأَطْلَقَ اُسْتُفْسِرَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ.
فُرُوعٌ لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِزَيْدٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ لِعَمْرٍو سُلِّمَ لِزَيْدٍ، لِأَنَّهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ لَا فِي يَدِ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ زَيْدٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَهَلْ أَكْسَابُهُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِعَمْرٍو لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَكْسَابِ فَرْعُ الرِّقِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ؟ وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِي فَتَكُونُ الْأَكْسَابُ مُسْتَحَقَّةً لِلْعَتِيقِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ عَمْرًا غَصَبَ عَبْدًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ عَمْرٍو صَحَّ الشِّرَاءُ اسْتِنْقَاذًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا يُسْتَنْقَذُ الْحُرُّ، وَأَخَذَهُ زَيْدٌ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَثْبُتَانِ لِمَنْ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُسْتَنِيبِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَاسْتَأْجَرَهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ أَوْ نَكَحَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُولَى اسْتِخْدَامُهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَلَا وَطْؤُهَا فِي الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا، وَسَيِّدُهَا عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ، كَأَنْ قَالَ: أَنْتَ أَعْتَقْتَهَا أَوْ بِغَيْرِهِ، كَأَنْ كَانَ أَخَاهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَسَوَاءٌ أَحَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهَا يُسْتَرَقُّونَ كَأُمِّهِمْ. اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي فِيمَنْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ فَلَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ. نَعَمْ الْمَسْمُوحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ فَقَالَ (وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ابْتِدَاءً أَمْ جَوَابًا عَنْ دَعْوَى؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالشَّيْءُ يُخْبَرُ عَنْهُ مُفَصَّلًا