وَلَوْ قَالَ: أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ فَهُوَ وَعْدٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِشَرْطٍ وَلَا تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَدَهُ مُلَازِمًا لِلْخَصْمِ، فَقَالَ: خَلِّهِ وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ صَارَ كَفِيلًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُبْتَدِئٌ بِالْكَفَالَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ مُخْبِرٌ بِهِ عَنْ كَفَالَةٍ وَاقِعَةٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ لَهُ بَعْدَ فَسْخِ الْكِتَابَةِ: أَقْرَرْتُك عَلَى الْكِتَابَةِ لَمْ تَعُدْ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ، فَيَكْفِي فِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ قَالَ: تَكَفَّلْت بِجِسْمِهِ أَوْ رُوحِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ وَلَوْ تَكَفَّلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَالثُّلُثِ أَوْ مَا لَا يَبْقَ الشَّخْصُ بِدُونِهِ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ وَالرَّأْسِ وَالرُّوحِ وَالدِّمَاغِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ، وَلَيْسَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ تَصْرِيحٌ بِتَصْحِيحٍ أَمَّا مَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يَكْفِي، وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ عَنْ قَوْلِهِمْ: كُلُّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ كَالطَّلَاقِ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْجُزْءِ، وَمَا لَا كَالْبَيْعِ فَلَا وَالْكَفَالَةُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا كَمَا سَيَأْتِي وَيَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَى الْجُزْءِ.
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَفْظَةَ لَكَ بَعْدَ ضَمِنْت كَمَا قَدَّرْتهَا فِي كَلَامِهِ، فَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ (وَلَوْ قَالَ: أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ فَهُوَ وَعْدٌ) بِالِالْتِزَامِ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إلَّا إنْ صَحِبَتْهُ قَرِينَةُ الِالْتِزَامِ فَيَلْزَمُ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (بِشَرْطٍ) كَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ ضَمِنْت مَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ فَلَا يَقْبَلَانِ التَّعْلِيقَ كَالْبَيْعِ وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا، فَجَازَ تَعْلِيقُهُمَا كَالطَّلَاقِ، وَالثَّالِثُ يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُ الضَّمَانِ دُونَ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْحَاجَةِ. (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ (لَا) يَجُوزُ (تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ) كَأَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَهُ أَنَا بَرِيءٌ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَسْلِيمِهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْمَالِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأَدَاءُ، فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَأْقِيتُ الضَّمَانِ قَطْعًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الضَّمَانِ لِلضَّامِنِ وَلَا فِي الْكَفَالَةِ لِلْكَفِيلِ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ. أَمَّا شَرْطُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالطَّلَبِ إلَيْهِ أَبَدًا، وَشَرْطُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَشَرْطِهِ